محمد غزلان
عين الطائر .. الحاخام والخنزير
مع ارتفاع الأسعار وتلاعب التجار وغياب الرقابة أتذكر دائماً قصة الحاخام والخنزير التي كان يقصها علينا ويكتبها في عموده "من ثقب الباب" المرحوم النقيب كامل زهيري.. كان يحكي هذه الحكاية دون ملل ودون كلل ليصف بها عبثية المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.. أتذكر هذه القصة الآن مع ارتفاع الأسعار وتعويم الجنيه ثم انخفاضه أمام الدولار ومازال التجار يلعبون نفس اللعبة يتحججون بارتفاع سعر الدولار ويؤكدون أن انفلات الأسعار بسببه وعندما تقول لهم إن سعر الدولار انخفض مقابل الجنيه وقد يستمر الانخفاض. يقولون إنهم لم يستوردوا بعد بالسعر الجديد في حين أنهم رفعوا الأسعار بمجرد الإعلان عن تعويم الجنيه.
ونعود إلي قصة الحاخام والخنزير حيث يحكي أن هناك يهودياً ضاقت به سبل العيش. فهو يقيم هو وزوجته وأبناؤه الخمسة بالإضافة إلي أمه وحماته في حجرة ضيقة للغاية لا تدخلها الشمس أو الهواء.. ذهب اليهودي إلي الحاخام يشكو له حاله فاستمع له باهتمام شديد وطلب منه أن يحضر خنزيراً صغيراً ليعيش معهم ليدخل البهجة إلي قلوبهم وأن يأتي للحاخام بعد اسبوعين ليطلعه علي النتيجة.. استجاب اليهودي الطيب للحاخام وأحضر الخنزير وتحولت حياته إلي جحيم.. الحجرة المكتظة بالأنفاس والرطوبة زاد عليها روث الخنزير ورائحته العفنة.. ذهب إلي الحاخام وأخبره أن حاله زاد سوءاً إن الحياة لم تعد تطاق في الحجرة الضيقة.
استمع له الحاخام مثل المرة الأولي وطلب منه في النهاية التخلص من الخنزير ثم العودة إليه بعد اسبوعين وفعل اليهودي وعاد إلي الحاخام ليسأله عن الحال.. شكر اليهودي الرب والحاخام لأن حياته أصبحت أفضل بعد التخلص من الخنزير.
الحجرة لم تدخلها الشمس ولم يدخلها الهواء. إلا أن اليهودي تنفس الصعداء بعد التخلص من الخنزير نفس الشيء مع الأسعار وارتفاع الدولار وتعويم الجنيه.. الأسعار وصلت إلي عنان السماء. ارتفعت ضعفين وثلاثة وعندما تستفسر من مسئول أو حتي دون الاستفسار ودون الذهاب إليه. يطلع علينا ليقول إن الأسعار ستشهد انخفاضاً وإن الأمور ستعود كما كانت. وإن الدولار سينخفض وإن الأمور عال العال وعليكم الصبر.. ولو كان المسئول هذا يعلم قصة الحاخام والخنزير لطلب منا أن نربي خنازير في منازلنا ثم نعود إليه بعد شهر أو اثنين.
وإذا كان الحاخام تلاعب باليهودي الطيب ولم يأخذ بيده ولم يوفر له حجرة واسعة نظيفة. بل ضيق عليه ثم أعاد الأمور إلي نصابها. ليشعر اليهودي في النهاية بالراحة والامتنان للحاخام. فإن حكومتنا المصرية تلعب نفس اللعبة. بل تزيد بترك الخنازير تعبث بالفقراء من المواطنين ومتوسطي الحال منهم دون تقديم حلول حقيقية للقضاء علي معاناة الناس رحم الله كامل زهيري وألهمنا الله الصبر والسلوان