المساء
محمد جبريل
ع البحري .. إسرائيل.. وطرق الحديد الساخن!
ما ستقرؤه ليس دعابة. ولا نكتة. إنه واقع حال. الحقيقة التي تكشفت ملامحها البشعة في ردود أفعال المجتمع الإسرائيلي علي مطلب الدولة الواحدة ـ العبرية بالطبع ـ الذي عرضه نتنياهو. مما يعني إلغاء دعوة الدولتين التي تبناها المجتمع الدولي. وافق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي فكرة الدولة الواحدة. كحل بديل لفكرة الدولتين. مدفوعاً ليس فقط بما عرضه نتنياهو في زيارته إلي البيت الأبيض. وإنما بآراء رجال الظل الذين تبدت توجهاتهم من قبل الانتخابات الرئاسية.
أثبتت الاستبيانات أن فئات كثيرة من المجتمع الإسرائيلي ترفض فكرة الدولة الواحدة. لأنها ستتيح للعرب الفلسطينيين فرصة التساوي في المواطنة مع المستوطين اليهود. وهو ما يعيد إلي الأذهان سنوات حكم التفرقة العنصرية في جنوب أفريقيا.
ذكرتني نتيجة الاستبيانات بمقال نشرته مجلة مصرية اسمها رمسيس في 1910. وهي الفترة التي أعقبت مؤتمر بازل. وما تمخض عنه من بدء السعي لاستيطان فلسطين. حتي في وسائل الإعلام العربية. استغلالاً للتسامح العربي الذي كان ينقذ المهاجرين اليهود من الغرق. ويزودهم بالاغاثة. لتبدأ بهم ـ للأسف ـ خطوات إنشاء الكيان الصهيوني. ذهب كاتب المقال إلي أن اليهود "أصح أمم الشرق نسباً" ـ نص التعبير ـ وأنهم سيعودون إلي بلادهم ـ الوطن العربي ـ لينشروا الحضارة ويتحولوا إلي سادة لشعب المنطقة. الكلام نشرته ـ بنصه ـ مجلة تصدر في القاهرة. انعكاساً للمؤامرات الصهيونية التي أجادت نسج شباكها في أقطار الوطن العربي. فضلاً عن عاصمة الخلافة التي رفضت ـ في الحقيقة ـ محاولات وايزمان وبن جوريون لإتاحة هجرة اليهود إلي فلسطين. وكان الحصول علي وعد من وزير الخارجية البريطاني بلفور بديلاً لإخفاق القيادات الإسرائيلية في مساعيها بالاستانة. وشكل الوعد انطلاقة لتطورات الأحداث إلي الصورة التي انتهت إليها هذه الأيام.
الواضح أن التحركات الإسرائيلية الأخيرة. التي واجهت المجتمع الدولي برفض حل الدولتين. تهدف إلي قيام دولة واحدة. صهيونية. وإن نظر قطاع كبير من مواطنيها إلي أبناء البلاد باعتبارهم هامشاً ينبغي التخلص منه.
تريد القيادات الإسرائيلية أن تفيد من شدة حبل تصريحات الرئيس الأمريكي من قبل الانتخابات وبعدها. والتي حاول من خلالها استمالة اللوبي الصهيوني. طار نتنياهو إلي واشنطن وفي حقيبته أفكار ومقترحات تستهدف التسريع في عمليات الاستيطان. وتقريب الحلم الصهيوني. كما شنت الميديا الصهيونية حملة منظمة. في اتجاه الهدف نفسه. وهو ما ساعد علي تحقيقه ارتباكاً واضحاً في الداخل الفلسطيني. وفي الوطن العربي بعامة. يقصر ردود أفعاله ضد الدعوة الصهيونية. والدعم الأمريكي. علي الشجب والإدانة والزعم بأن ما تسعي إسرائيل لن يتحقق.
كيف؟ ذلك ما لم توضحه القيادات العربية. ولو بالإفادة من رأي عالمي. تخلت فيه حتي دول الغرب ـ عدا الولايات المتحدة ـ عن تأييدها لوجهة النظر الإسرائيلية. وعبرت عن ضرورة حل الدولتين.
إسرائيل تحاول أن تطرق الحديد الساخن. فالصورة غائبة بمعناها السياسي الواضح عن القيادة الأمريكية الجديدة. وهو ما يتضح في الكثير من القرارات المتضاربة. لذلك ضم نتنياهو إلي ملفات الاستيطان والوضع في غزة والدولة الواحدة. طلباً من واشنطن بالموافقة علي اعتبار الجولان جزءاً من الأراضي الإسرائيلية.
أعد بأن يكون هذا "الخطر" ـ أقصد التعبير ـ موضع حديث قادم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف