المصريون
ربيع عبد الرؤوف الزواوي
شهادة الله علينا.. أمان وتخويف
في الآية قبل الأخيرة من سورة فصلت، استفهام تقريري يأخذ بمجامع القلوب، ويمسك بتلابيب النفوس... يمسك بتلابيب النفوس يهزها هزا لطيفا يطمئنها ويخيفها في آن واحد... ويوقظها من غفلتها بلمسة حانية: ...((أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))... والله يكفي يا رب... كفى بك شهيدا يا رب... رضينا وهنئنا بها يا رب... أنت يا رب الشهيد... والشهيد لا يغيب أبدا... والشهيد لا يغفل أبدا... أي راحة وأي طمأنينة تبعثها هذه الآية الكريمة في قلوبنا؟ وأي رضى ينبعث في نفوسنا بها؟... ...((أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ))... يكفي يا رب... يكفينا أنك أنت الشهيد... أنت سبحانك عالم الغيب والشهادة... شهادتك تكفينا وترضينا وتطمئننا... وشهادة الله تعالى على الأمور والأحداث التي تمر بنا ليست كشهادة المخلوقين العاجزين... شهادة الله على ما يفعل بنا ومعنا الآخرون تقتضي منا أن نطمئن ونرضى مهما وقع علينا من ظلم أو ضاعت حقوقنا... شهادة الله تعالى على ما نفعل تقتضي منا الحياء منه والخجل من أنفسنا... فلا حق يضيع... ولا شيء يغيب عن علمه وشهادته... عالم الغيب والشهادة... وإنها والله لشهادة تبعث على الخوف وتدعونا لمراقبته وخشيته... فإنك (...مَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ ۚ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ). إلا كنا عليكم شهودا.. إي والله... هذه الشهادة المحكمة تقتضي منا المراقبة والخشية والطمأنينة والرضا... هذه الشهادة تقتضي منا الهدوء وعدم إرهاق النفس وتكدير الخاطر... هذه الشهادة تقتضي منا الشعور بالأمان والإحساس بظلال الجلال الرباني ونحن تحت جناحه كل أوقاتنا وكل حياتنا... هذه الشهادة في كتاب مبين... مسجلة علينا، كل صغيرة وكبيرة... ما لنا وما علينا... فلنطمئن على ما لنا... ولنتق الله فيما علينا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف