السيد هانى
في مكتبة الإسكندرية: متحدون ضد التطرف "2" وهناك كلام آخر..!
مادمنا متحدين ضد التطرف.. إذن كان يجب علي رؤساء الجلسات في مؤتمر مكتبة الإسكندرية الدولي الثالث لمكافحة التطرف "17 19 يناير الماضي" ألا يسمحوا لأي متحدث في المؤتمر بإلقاء خطاب طائفي تحريضي متطرف يقوم علي المغالطات وقلب الحقائق بدعوي حقه في التعبير عن رأيه..!
- إذا كنت لا أريد ذكر الأسماء.. فأشرطة المؤتمر موجودة يمكن الرجوع إليها للتأكد من صحة ما أقول. مع استعدادي التام لتحمل كامل المسئولية..
- هل يعقل علي سبيل المثال أن يتحدث أحد المشاركين في المؤتمر عن التفجير الإرهابي الذي وقع داخل الكنيسة البطرسية بالقاهرة يوم الأحد 11 ديسمبر 2016.. فيستهجن إجماع المصريين علي أنه كان جريمة ضد الوطن. ويقول إنه كان ضد الأقباط بالتحديد وليس ضد الوطن.. حجته في ذلك أن التفجير وقع داخل كنيسة. وأثناء تأدية الأقباط صلاتهم..؟
- ماهو المطلوب بالضبط أكثر من قيام رئيس الجمهورية شخصيا بالمشاركة في تشييع جنازة ضحايا هذا التفجير. وتقديم العزاء لقداسة البابا تواضروس الثاني. وإصدار تعليماته بإصلاح الأضرار التي لحقت بمبني الكنيسة في زمن قياسي.. حتي عادت الكنيسة إلي ما كانت عليه قبل احتفالات عيد الميلاد المجيد يوم 7 يناير..؟
- ألم يحدث قبل وقوع هذا التفجير ب 48 ساعة فقط.. أن تعرض مسجد في منطقة الهرم لعملية إرهابية سقط فيها عدد من الشهداء..؟
- أليس الوطن هو المستهدف في هاتين العمليتين الإرهابيتين اللتين استهدفتا مسجدا وكنيسة في وقت الصلاة بكل منهما.. فلماذا المغالطة ؟.. ولماذا هذا الخطاب الطائفي السفيه في مؤتمر دولي بهذا المستوي. عقد من أجل توحيد الجهود في المعركة ضد الإرهاب..؟
- ثم نسمع نفس الشخص في نفس المداخلة.. يستهجن أيضا تعبير ¢الأخوة¢ عندما يتحدث المسلمون عن إخوتهم المسيحيين !.. إذن ماهي الكلمة التي يمكن أن يستعملها المسلمون أو المسيحيون أفضل من كلمة ¢الأخوة¢ عندما يذكر أحدهما الآخر..؟
- من الذي وجه الدعوة لهذا الشخص بالذات لحضور المؤتمر ؟.. وهل كان خطابه الطائفي التحريضي مهمة جاء للقيام بها وسط هذا الحضور الكبير من المفكرين العرب والأجانب ؟..
- هل كنا أمام عملية توزيع أدوار.. سعيد شحاتة - الذي تحدثت عنه في مقال الأسبوع الماضي - يجلس علي المنصة في إحدي الجلسات متحدثا لأكثر من 20 دقيقة حديثا طائفيا يستهجن فيه إعتراض مسلمي العالم علي الرسوم الكاريكاتورية المسيئة لسيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكي السلام.. وشخص آخر يقدم مداخلة في جلسة أخري يقلب فيها الحقائق بشأن تفجير الكنيسة البطرسية..؟
- لقد قمت بالتصدي لسعيد شحاتة.. وقصة ذلك شرحتها في مقال الأسبوع الماضي.. أما ¢الأخ¢ الذي لا تعجبه كلمة ¢الأخوة¢. ويعتبر تفجير الكنيسة البطرسية كان موجها ضد الأقباط بالتحديد. فلم أتمكن من الرد عليه.. لأن مداخلتي سبقت مداخلته.. ولم يكن ممكنا بسبب وقت الجلسة أن تعطي الكلمة لي مرة أخري للتعقيب علي ماقاله.. فعدد طالبي الكلمة كثير ووقت الجلسة محدود.. وأي محاولة مني للكلام ستعتبر خروجا علي نظام الجلسة.. وشغباً..!!
- هل يعقل أن تستغل مظلة حرية التعبير عن الرأي.. في قيام البعض بالترويج لخطاب طائفي تحريضي يقوم علي المغالطات.. إذا حاولت الرد عليه في أكثر من دقيقتين.. فأنت مشاغب.. وخارج عن نظام الجلسة.. واجلس مكانك لو سمحت..!!
***
- هكذا كانت تدار ¢بعض¢ جلسات المؤتمر!.. أقول ¢بعض¢ لأن الإنصاف يقتضي الإشادة بجلسات أخري. كالتي أدارها الدكتور مصطفي الفقي. أو التي أدارها اللواء دكتور محمد مجاهد الزيات اللذان رفض كل منهما إنهاء الجلسة التي يرأسها. قبل أن يتحدث كل من طلب الكلمة.. ولم يقاطع أي منهما متحدثا.. كما لم يسمح أي منهما بتمرير خطاب يتعارض مع صحيح الدين الإسلامي. كما فعل الدكتور مصطفي الفقي في تعليقه علي حديث الباحث الصيني لونج دينج عن ¢صيننة الإسلام¢..!
* الحقيقة أن الجانب الإيجابي في مؤتمرات مكتبة الإسكندرية كبير جدا.. وعظيم جدا.. ولابد من توجيه التحية والتقدير الكبير لفريق العمل الذي يقوم بالإعداد لهذه المؤتمرات.. والقائد الكبير لهذا الفريق الدكتور اسماعيل سراج الدين مدير مكتبة الإسكندرية. الذي استطاع أن يجعل من المكتبة قبلة للمثقفين والعلماء والقادة السياسيين من مختلف الدول. حتي أصبحت مكتبة الإسكندرية أكبر صرح ثقافي علي مستوي العالم بلا منافس.. زارها العشرات من الملوك والزعماء ورؤساء الدول.. واجتمع تحت سقفها العشرات من العلماء الحائزين علي جائزة نوبل.. واحتدمت داخل قاعاتها المناقشات في مئات المؤتمرات بين المفكرين والأكاديميين والمثقفين ذوي التوجهات والمدارس المختلفة..
لذلك لابد أن نشعر بالقلق عندما يتسرب إلي محفل كبير بحجم مكتبة الإسكندرية. حديث طائفي تحريضي من أحد الأشخاص. كالذي أشرت إليه في مقدمة المقال. أو كسعيد شحاتة الذي قال إن المسلمين في بريطانيا يقيمون ¢دولة داخل الدولة¢ فلهم مدارس إسلامية يفصلون فيها بين الذكور والإناث. ولهم محاكم شرعية.. أليس في ذلك تحريض للسلطات البريطانية ضد المسلمين في بريطانيا..؟
***
لعل ذلك ما جعلني في مداخلتي التي سبقت مداخلة الشخص الذي لا تعجبه كلمة ¢الأخوة¢.. أتحدث عن تجربتي الشخصية التي تؤكد عمق ومتانة العلاقة بين المسلمين و¢أخوتهم¢ الأقباط في مصر..
* قلت في المؤتمر: إنني نشأت في قرية مصرية اسمها ¢البلاشون¢ مركز بلبيس بمحافظة الشرقية.. يعيش في قريتنا عدد من الأسر القبطية.. كان صديقي في الطفولة ¢سمير نصيف زخاري¢.. وكان بقال القرية ¢عم فهمي موسي جرجس¢.. عندما ذهب ¢عم فهمي¢ الي فلسطين لزيارة القدس وبيت لحم. خرج أبناء القرية لتوديعه في السفر. ولاستقباله في العودة.. ثم قام ¢عم فهمي¢ بعد عودته بإضافة كلمة ¢المقدس¢ إلي اسمه علي لافتة المحل.. وعندما سألت والدي عن معناها قال لي: إنها تقابل كلمة ¢الحاج¢ عند المسلمين..
* كان في قريتنا محل لتصنيع وإصلاح الأحذية يمتلكه "عم جورجي".. كان "عم جورجي" هو الذي يتولي بنفسه صناعة الأحذية لجميع حجاج القرية بالمواصفات المطلوبة في حذاء الحاج.. كان في قريتنا أيضا محل لبيع المصوغات الذهبية يمتلكه "عم عزيز صليب".. كانت زوجة "المقدس عزيز صليب" لا تشتري اللحم إلا من جزارة "الحاج مصطفي خطاب".. وزوجة "الحاج مصطفي" لاتلبس أساور ذهب إلا من محل "عزيز صليب"..
* كلما مرض أحد في قريتنا.. كانوا يستدعون له "التومرجي عبد الملاك صليب" الذي كان يعالج كل الأمراض بنوع واحد من الحقن.. هو "حقن البنسلين"..!
* كانت تاجرة الزبدة في القرية "كاترين".. كنا نقول لها يا "خالتي كاترينة".. كانت كل نساء القرية تبيع وتشتري منها..!
* هكذا عشنا في قرية البلاشون "أخوة" أحباباً وأهلاً وأصدقاء.. لم يفرق بيننا الاختلاف في العقيدة..
* وعندما أتيت الي القاهرة.. وجدت أن معظم أصدقائي هم من "الأخوة" المسيحيين.. عندما توفيت "الدكتورة آمال بطرس" زوجة الصديق العزيز "المهندس رمزي عزت قسطنطين".. كنت وزوجتي المحجبة في قلب الكنيسة.. حضرنا الصلاة. وبكينا لرحيلها.. كما كنت وزوجتي المحجبة بعد ذلك بين أسرتها في الكنيسة أيضا لتقديم العزاء..
* أنا وأصدقائي: المهندس رمزي عزت قسطنطين. والرسام نبيل صادق. والأستاذ نبيل توفيق. والدكتور نادر كمال اسكندر. والدكتور مدحت كمال اسكندر. والدكتور بشري كامل. والأستاذ شريف نبيه. والأستاذ لويس جرجس. وأولاد عم فهمي موسي جرجس. وأولاد عم جورجي. وأولاد عم عزيز صليب. وصديق الطفولة زميلي في "التختة" بالفصل الدراسي سمير نصيف زخاري.. نحن جميعا خيوط مترابطة في نسيج واحد اسمه "الشعب المصري".. ودائما نقول: "موسي نبي. عيسي نبي. محمد نبي.. وكل واحد له نبي يصلي عليه"..!