حوار قصير دار بيني وبين ابنتي ذات السبع سنوات والتي أقوم بتوصيلها يومياً إلي المدرسة من خلال المترو جعلني أفكر في حقوق هذا الجيل من أطفالنا الصغار.
ابنتي: بابا.. أنا عاوزة اتعلم كاراتيه
أنا: ليه يا حبيبتي؟
ابنتي: علشان أقدر أركب المترو وأروح المدرسة وحدي!!
هذا هو تفكير الطفلة بعد المعاناة اليومية التي تمر بها ذهابا وإيابا.. هل فكرنا في زحام المترو الخانق خاصة في فترة الصباح وتأثيره الخطير علي أطفالنا الصغار والذين من المفترض اننا نعلمهم ونربيهم علي احترام آدمية الإنسان؟!
وكيف نطلب من هؤلاء الصغار التركيز وسرعة الاستيعاب في المدرسة بعد معركة شرسة وحامية الوطيس وهم في طريقهم لتلقي العلم وهي بمثابة الحصة الأولي لهم.. وللأسف قد يكون الطفل قد وصله سلوكيات تثير الاشمئزاز من خلال ما تعلمه من ثقافة الزحام التي يتدرب عليها يومياً مرتين في الذهاب والعودة.
الزحام يعلم أطفالنا التحرش.. فهو مضطر للسكوت في كل الأحوال خاصة ان الأمور تكون دائماً خارج السيطرة.. فالجملة التي قد يسمعها الشخص حتي لو كانت سيدة "مش عاجبك اركب تاكسي"!
الزحام يعلم البلطجة.. فنجاح الشخص هو أخذ حق الشخص الأضعف ولو بالقوة.
الزحام يعلم الأنانية.. فأنت دائماً تبحث عن نفسك دون النظر للآخرين حتي لو كانت ظروفهم تعطيهم الحق قبلك.
الزحام.. يعلم العصبية.. فأطفالنا يسمعون يومياً ألفاظاً خارجة وسباباً وربما تشابك بالأيدي قد تصيبهم بالرعب.
هذا بخلاف خطورة نقل الأمراض المعدية.. خاصة ان الأطفال مناعتهم ضعيفة مما يجعلهم عرضة لنقل الأمراض.
بعد كل هذا.. هل من العدل أن نطلب من أطفالنا الانتباه والتركيز في المدرسة وتعلم السلوكيات السوية؟.. وهل من العدل أيضاً بعد العودة من المدرسة وقد مروا ثانية علي نفس المشكلة أن نطالبهم بالمذاكرة والمراجعة؟.. أنا أعتقد ان هذا فوق طاقة الإنسان البالغ.. فما بالنا بأطفال في عمر الزهور نريد أن نربيهم علي القيم الإنسانية والسلوكيات الطيبة.
لذلك أطالب الحكومة بالنظر في مستقبل أطفالنا الصغار ومراعاة مواعيد الدراسة ونقل أو تحريك الموظفين إلي الساعة التاسعة حتي نعطي الفرصة لأولادنا الصغار للذهاب إلي مدارسهم بشكل آدمي وإنساني وحتي ندفعهم إلي حب الوطن وزيادة الانتماء له.