المساء
مؤمن الهباء
بيدنا.. لا بيد الأصدقاء
أسعدني أن تنفي وزارة الطيران المدني ما نشرته بعض الوكالات الروسية عن توقيع اتفاقية أمنية أعدتها روسيا تقضي بأن يتولي الجانب الروسي مراقبة إجراءات الأمن في المطارات المصرية الدولية التي تستقبل الرحلات الروسية.. وأن يكون استئناف حركة الطيران بين البلدين بين أيدي القيادة الروسية ووفق ما يتراءي لها من مدي التزام الجانب المصري بالوفاء بالملاحظات التي اتفق عليها بشأن إجراءات أمان الطيران في مصر.
صحيح أن النفي لم يكن حاسماً ولا قاطعاً.. حيث اكتفي المستشار الإعلامي لوزير الطيران المدني بالقول إنه لم يتم التوقيع علي الاتفاقية حتي الآن.. وهو ما يعني أنه يمكن التوقيع علي الاتفاقية في قابل الأيام رغم ما تحمله من استعلاء وغطرسة روسية ومهانة لمصر وشعبها.. لكن تنبه وزارة الطيران إلي المنزلق الذي يجرنا إليه الجانب الروسي بهذه الاتفاقية كفيل بأن يوقظ ضميرها الوطني ويمنعها من التوقيع عليها اليوم أو غداً.
نحن في أمس الحاجة إلي السياح الروس وغير الروس من الشرق والغرب.. ومع ذلك فإن المقابل الذي ندفعه لكي يأتي هؤلاء السياح لا يمكن أبداً أن يكون علي حساب كرامتنا الوطنية.. والانتقاص من دورنا في تأمين المطارات وسيادتنا علي مؤسساتنا الوطنية.. الأرزاق بيد الله وحده.. وعلينا أن نطلب الوفود السياحية بما لا ينتقص من عزتنا الوطنية ومكانتنا بين الدول.
لقد قبلنا بتفتيش الروس والانجليز والفرنسيين والأمريكيين وغيرهم علي إجراءات التأمين في مطاراتنا وفنادقنا لظروف خاصة.. بعد حادث الطائرة الروسية التي سقطت ـ أو أسقطت ـ في سيناء.. وعلي مدي علمي فقد قدمت هذه الوفود ملاحظاتها بكل دقة وتم تنفيذ هذه الملاحظات.. والموافقة علي كل الاشتراطات التي طلبت.. رغم الألم النفسي التي كانت تثيره هذه الوفود في كل زيارة تقوم بها.. والأوامر التي كانت تلقيها علي رجالنا.
وأذكر أن أعضاء الوفد الروسي أشادوا في آخر زيارة بالإجراءات الأمنية التي طلبتها اللجان السابقة وتم تنفيذها.. وأشاروا إلي أنهم أجروا جولة بمدينة الغردقة وتفقدوا عدداً من الفنادق والأماكن المهمة.. وأعربوا عن رضاهم التام عن الإجراءات الأمنية والوضع داخل المدينة.. ونقل وقتها عن محمد عبدالمقصود وكيل لجنة السياحة والطيران المدني بمجلس النواب قوله إن مصر استوفت جميع المطالب الروسية.. والمهم حالياً هو رفع حظر الطيران بين القاهرة وموسكو.
وإذا كان الأمر كذلك.. فما الداعي للحديث عن اتفاقية "يتولي بمقتضاها الروس مراقبة إجراءات الأمن في المطارات الدولية وأن يكون استئناف حركة الطيران بين البلدين بين أيدي القيادة الروسية ووفق ما يتراءي لها من مدي التزاماً لجانب المصري بالوفاء بالملاحظات التي اتفق عليها بشأن إجراءات أمان الطيران في مصر".. هذا ليس تصرف دولة صديقة تحرص علي كرامة واستقلال دولة صديقة لها.. وإنما سلوك دولة تبحث عن الهيمنة والسيطرة والغطرسة.. والإضرار باستقلال وكرامة الآخرين.
أتمني أن نظل علي موقفنا.. ونرفض رفضاً "باتاً" و"قاطعاً" التوقيع علي هذه الاتفاقية المعيبة.. أو أية اتفاقية مشابهة تنال من استقلالنا وسيادتنا.. حتي ولو كان ذلك هو الذي سيأتي بالسائحين أفواجاً.. فمن يفرط في سيادته وكرامته مرة سيهون التفريط عليه مرات ومرات.
يجب علينا أن نستوفي أعلي شروط الأمان في المطارات والفنادق.. لنحمي أنفسنا أولاً من الإرهاب الغادر ونحمي ضيوفنا أيضاً.. ولا مانع من الاستعانة بأصدقائنا لتوفير أرقي تكنولوجيا في العالم لتحقيق الأمن والأمان لنا ولضيوفنا.. حفاظاً علي سمعتنا الدولية كبلد كبير قادر ومقتدر.. ولكن لابد أن يتم هذا بأيدينا وبفكرنا وتحت أعيننا.. دون أن نترك الأمر برمته في أيدي الآخرين.. ولو كان هؤلاء الآخرون أصدقاءنا.. فما أسهل أن ينقلب الصديق عدواً.. والأيام أظهرت لنا العجائب.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف