علاء معتمد
نبض الشارع .. الخلاف مع الجارحي.. لايفسد للود قضية
إذا كان الخلاف في الرأي لايفسد للود قضية. فدعوني بداية أعترف أنني أحمل لعمرو الجارحي وزير المالية كل الود والاحترام والتقدير. لأنه واحد من الشخصيات التي لا تملك الا ان تكن له كل الود والاحترام والتقدير. مهما اختلفت معه في الرأي. أو اعترضت علي سياساته او قراراته. فأدبه الجم يمنعك مهما بلغت حدة الاختلاف معه من التجاوز. وعلمه الغزير يدفعك للحذر بشدة عند الكتابة عن قراراته وسياساته. ويضغط عليك من اجل ان تتحسس كلماتك وان تختارها بعناية فائقة.
وفي مكالمة هاتفية تلقيت عتابا رقيقا من الوزير حول ماكتبته الاسبوع الماضي في هذا المكان حول اختيار الوزير للطريق السهل لعلاج عجز الموازنة من خلال :
¼ زيادة الايرادات بفرض ضريبة القيمة المضافة والاستدانة من الداخل بطروح اذون خزانة بفائدة مرتفعة تصل الي 18% والاقتراض من الخارج بطرح سندات دولارية بفائدة تصل الي 8.5 %.
¼ وخفض المصروفات بترشيد الدعم ورفع اسعار الكهرباء والبنزين والسلع الاساسية كالسكر والزيت والارز واصلاح نظام الاجور بمنع العلاوة عن غير الخاضعين لقانون الخدمة المدنية.
وفي الحالتين يدفع المواطن الغلبان والموظف المطحون ثمن الاصلاح الاقتصادي وعلاج عجز الموازنة. في حين يمتنع الوزير عن السير في الطريق الاصعب بمواجهة مافيا التهرب الضريبي والجمركي ووضع الحلول الكفيلة بتحصيل المتأخرات الضريبية وكلاهما يمكن ان يضيفا للموازنة العامة للدولة نحو 500 مليار جنيه "400 مليار تهرب ضريبي + 100مليار متأخرات".
هذا الكلام أغضب الوزير واعتبره تقليلاً من الجهود التي يبذلها من اجل تحقيق الاصلاح الاقتصادي وعلاج الخلل المزمن الذي استمر لعقود طويلة في الموازنة العامة وأدي الي هذا العجز الرهيب فيها. والحد من قدرة الحكومة علي تحسين مستوي معيشة المواطنين وتقديم الخدمات اللائقة بهم سواء في التعليم او الصحة او تقديم المرافق الاساسية كمياه الشرب والصرف الصحي.
الوزير قال انه لا ينكر وجود التهرب الضريبي وخاصة من اصحاب المهن الحرة كالاطباء والمحامين والمقاولين والمستوردين. وانه لم يتردد يوما في تحويل كل من يثبت تهربه الي النيابة العامة. وانه في الفترة الاخيرة قام بتحويل عدد كبير جدا من الاطباء والمستوردين والمقاولين الي النيابة بتهمة التهرب. وان هذا العدد الكبير جعله يتخوف من ان يكون قد ظلم احدا منهم وكان يدقق في البيانات المعروضة عليه.
وليسمح لي الوزير بالاختلاف معه من جديد. لان التجربة اثبتت ان الطرق البوليسية والقبض علي المتهربين لا يعالج التهرب الضريبي. وان الوسيلة الانجع والافضل هي وضع الآليات التي تدفع الممولين للالتزام الطوعي بدفع الضريبة المستحقة. ورفع كفاءة الادارة الضريبية. واستحداث النظم التي تيسر علي الممول حساب الضريبة وسدادها. واحكام الرقابة علي الدورة المستندية للتعاملات في السوق. والاسراع في تطبيق قانون المدفوعات الالكترونية لخفض التعامل النقدي بالاسواق الي ادني ما يمكن. والزام كافة المتعاملين في السوق - سواء تجاراً او مهنيين او منتجين او مقدمي خدمات - باصدار الفواتير وتفعيل القوانين الملزمة بذلك.
وليسمح لي الوزير ايضا بان اذكره بانه رغم هذا العدد الذي ييم تحويله للنيابة بتهمة التهرب الضريبي. الا ان حجم ماتحصله مصلحة الضرائب سنويا من اصحاب المهن الحرة "اطباء ومحامون وفنانون ومحاسبون ومقدمو برامج..." لايتجاوز 500 مليون جنيه من حجم الايرادات الضريبية الذي يتجاوز 433 مليار جنيه. بينما يدفع الموظفون واصحاب المرتبات نحو 30 مليار جنيه ضرائب سنويا.
إنني لا انكر حجم الجهد الذي يبذله وزير المالية من اجل تنفيذ برنامج الاصلاح الاقتصادي. ونجاحه في الاتفاق مع صندوق النقد الدولي. وجهوده لاصلاح عجز الموازنة. ولا يمكن ان انكر انه تحمل مع حكومة المهندس شريف اسماعيل مسئولية ضخمة باتخاذ قرارات ترشيد الدعم وضرورة وصوله لمستحقيه. لكني في الوقت نفسه أجد ان واجبي يحتم علي ان اشير الي مواطن الخلل حتي تتم معالجته. لاننا جميعا في النهاية شركاء في تحمل مسئولية النهوض بهذا الوطن.