الجمهورية
عبد الرحمن فهمى
ذكريات .. عبدالمنعم الصاوي.. أيضاً..
.. نعم.. عبدالمنعم الصاوي تاني وثالث وممكن لآخر الشهر.. عبدالمنعم الصاوي لم يأخذ حقه في الرأي العام والمطبوعات لأن آخر شيء كان يسعي إليه هي المناصب عكس كل الناس فلا أعتقد أن أحداً من الصحفيين أو غير الصحفيين تولي المناصب العديدة العليا التي تولاها الصاوي وتولاها بزهد وكرامة وكبرياء.. لم يسع إلي منصب بل سعت المناصب إليه.. سأروي لكم حكاية.
الصحفي الكبير حسين فهمي هو صاحب فكرة أن تصدر الثورة صحيفة خاصة بها تعبر عن رأيها.. وبالفعل صدرت جريدة "الجمهورية" تحمل اسم عبدالناصر بأموال أم حسين فهمي التي باعت عزبتها فقد رفض عبدالناصر أخذ أموال الدولة.. وبرئاسة تحرير أنور السادات.... و..... وأيضاً برئاسة تحرير حسين فهمي في البداية.. صلاح سالم انتهز فرصة مصادرة جريدة "المصري" وقرر إصدار جريدة "الشعب" من نفس المبني برئاسته.. فقرر جمال عبدالناصر أن يكون عبدالمنعم الصاوي مديراً للتحرير مع صلاح سالم.. رفض الصاوي أن يكون أقل من حسين فهمي ولابد أن يكون رئيساً لتحرير الشعب مع صلاح سالم.. حاول عبدالناصر في جلسة ثنائية في مساء يوم ما بمنزله إقناع الصاوي بمنصب مدير تحرير الشعب باعتبار أن مال الجمهورية مال حسين فهمي دون جدوي.. رغم أن الصاوي أيامها كان بلا أي عمل.. جريدة "المصري" التي كان مراسلها في لندن أغلقت ولم يستقر بعد في أي منصب!! كان عبدالمنعم الصاوي يجوع مفلساً بلا أي بريق أمل ليظل محتفظاً بكرامته وكبريائه.. وإنه ليس أقل من أي صحفي كبيراً كان أو صغيراً.. لذلك بعد انتهاء مدة حسين فهمي كنقيب للصحفيين رشح عبدالمنعم الصاوي نفسه ونجح باكتساح أمام شوامخ المهنة!!..
***
واشتهر عبدالمنعم الصاوي بأسلوبه الصحفي الروائي الدرامي منذ تغطيته لحادث أمير المملكة السعودية وغرقه في النيل مع إحدي الراقصات.. منذ كتابة الحادث في صفحتين كاملتين في "المصري" بأسلوب يشدك إلي آخر سطر.. منذ هذه البداية حتي النهاية وهو ملتزم بهذا الأسلوب اللعوب الشيق.. وكانت فرصة وجوده في لندن لتغطية كأس العالم للاسكواش وفوز "صبي ملاعب نادي الجزيرة محمود عبدالكريم" بالبطولة ضد كبار أبطال العالم خاصة أبطال باكستان والهند وبعض السفراء!!.. ثم بطولات عبور المانش ومعجزات حسن عبدالرحيم ومرعي حسن حماد وأخيراً أبوهيف.. ومن روعة الصاوي في الكتابة الروائية رغم أنه يصف واقعاً.. دخلت هذه البطولات غير الشعبية "اسكواش وسباحة" دخلت كل البيوت حتي أن جمال عبدالناصر استقبل الأبطال في منزله وأهدي كلاً منهم فيللا في الحي الجديد الذي أنشأه عبدالناصر لذا يسمي الحي باسم وهو "مدينة نصر"!!
عبدالمنعم الصاوي أسطورة لم تأخذ حقها إعلامياً مهما احتل من مناصب.. لما استقر في مصر بعد سنوات لندن أصر عبدالناصر أن يتولي رئاسة دار التحرير جريدة الجمهورية.. في نفس الوقت قرر مجلس إدارة لعبة "سباحة المسافات الطويلة" بأن يتولي رئاسة الاتحاد فاخترع الصاوي مسابقات النيل المشهورة!! رجل عبقري بكل معاني الكلمة!!
***
الدنيا لا تضحك لك طويلاً..
لأنه يمتاز بما كان يسميه أنور السادات "أخلاق القرية" كانت منها "الوفاء" لزملائه القدامي خاصة في بداية حياته الصحفية.. عبدالرحمن الخميسي ويوسف إدريس وعبدالعظيم أنيس وسعد التاني ومحمد عودة ولطفي الخولي.. وكل هؤلاء وغيرهم من كتاب "المصري".. وفي بدايات الثورة وأساليب تأمينها الخفية اضطر للاستقالة من رئاسة دار التحرير!!.. ففكر الصاوي في عمل "جنوني".. مصر من أقدم الدول التي عرفت الصحافة لها عملك "وكالة أنباء"!! باع كل ما يملك وأنشأ ما يسمي "وكالة مصر للأنباء" في شقة متواضعة في شارع القصر العيني قبل أن تنتقل إلي مكانها الحالي.. ولما كانت الوكالة تحتاج لاتفاقيات محلية ودولية بمقابل كبير وكادت تقفل أبوابها قرر عبدالناصر أن تديرها الحكومة مثل معظم وكالات الأنباء العالمية التابعة للحكومات.. كان عبدالناصر يعشق عبدالمنعم الصاوي رغم الاختلاف في الرأي تماماً مثل علاقة عبدالناصر بإحسان عبدالقدوس وأحمد أبوالفتح وفكري أباظة وهذه قصة أخري طويلة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف