الأخبار
جلال دويدار
تعاملنا بالفعل ورد الفعل تعظيم لكوارثنا ومشاكلنا
لا أمل في انصلاح حال بلدنا إلا إذا توقف تعاملنا مع الاحداث علي اساس الفعل ورد الفعل. هذا السلوك السائد علي مستوي الدولة والمواطنين يتمثل بشكل فاضح في المواجهة الوقتية مع مشاكلنا دون ان تكون لدينا خطة واستراتيجية مستقرة للحلول الدائمة . لا يخفي علي أحد أن من الاسباب الرئيسية في هذا الخلل الذي يكلفنا الكثير إنما يعود إلي الفساد السائد في الاجهزة التنفيذية والتهاون في اداء مسئوليات المتابعة والرقابة وهو ما يؤدي في النهاية إلي اضرار وكوارث من كل نوع.
التنبه لهذه المخالفات والتحرك من جانب رؤوس القيادة في أجهزة الدولة المسئولة لمعالجتها.. لا يتحقق إلا عندما تقع احدي الكوارث الفادحة التي تهتز لها مشاعر المجتمع. ما أقوله ونعيشه استشعره الرأي العام المصري بعد حادثة مصرع الشاب الذي تعرض لاعتداء قاتل من العاملين في إحد المقاهي بمصر الجديدة التي ذهب إليها مع خطيبته لمشاهدة مباراة الكرة بين مصر والكاميرون.
الخلاف علي الحساب الذي اتسم بالمغالاة والاستغلال كان سبب المشادة التي أدت إلي هذه الجريمة البشعة التي ضاع ضحيتها هذا الشاب الجامعي في ريعان شبابه.
إن ما يؤكد استفحال ظاهرة الفعل ورد الفعل في حياتنا.. موجة »الكبسات»‬ التي أعقبت الحادث وتعرضت لها تلك المقاهي بالاغلاق والتي كانت قد انتشرت بصورة مفزعة في الشوارع والميادين بل والحواري. هذه الحملات التي جرت تحت تأثير بشاعة حادث مقهي مصر الجديدة كشفت عن أن العديد من هذه المقاهي تمارس نشاطها بدون ترخيص. ليس من تفسير لاستفحال اعداد هذه المقاهي سوي أنها دليل علي وجود زبائن من العاطلين الذين يهربون من العمل والاستمتاع بقضاء وقتهم فيما لا يفيد.
الشيء الغريب والذي يلفت النظر هو تكاثر هذه المقاهي وأن هناك من يقبل علي انشائها سعيا الي الربح السريع المضمون بدلا من تأسيس مشروع منتج يفيد البلد ويفيده في نفس الوقت. هذا التوجه أصبح ظاهرة اتخذت بشكل التأصل مما يعكس اتجاها سائدا باستمرار الشباب في ممارسة ظاهرة »‬التلطع» دون التفكير أو الرغبة في العمل والانتاج. ان مواجهتها تحتاج إلي معالجة نفسية وبرامج تعليمية وتوعية تشارك فيها كل أجهزة الاعلام والمؤسسات الدينية والتعليمية والمجتمع الاهلي.
في نفس الوقت فإنه لابد وأن تضطلع الاجهزة المعنية التي تتولي السماح بانشاء هذه المقاهي بمسئولياتها بالعمل علي الحد من السماح بالانفلات في انتشارها وتواجدها! معظم هذه الخروقات تتم بدافع فساد الاجهزة المعنية الذي يدفعها الي غض النظر في مقابل الحصول علي »‬المعلوم». يحدث هذا رغم أن هناك قوانين ولوائح تحدد وجود مساحات معينة ومعلومة في إقامة المشروعات المشابهة في الاحياء والشوارع. من واقع ما هو موجود حاليا فيما يتعلق بانتشار المقاهي.. يبدو أن الفاسدين ومعدومي »‬الضمير» أعطوا لهذه القوانين واللوائح اجازة لضمان ما يدخل جيوبهم.
كم أرجو الا تكون حملات إغلاق المقاهي غير المرخصة الجارية حاليا ما هي إلا »‬هوجة» سرعان ما تنتهي لتعود ريمة إلي عادتها القديمة تفعيلا لقاعدة الفعل ورد الفعل الي ان تتكرر حوادث مأساوية جديدة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف