هانى عسل
«فقرا قوى» .. و«كدابين قوى»!
صورة لأطفال يلهون فى صندوق للقمامة، وتعليق يقول «المصريون يأكلون من الزبالة»!
صورة لعلى عبد العال رئيس البرلمان مع خبر عن «كذا مليون جنيه للمكافآت والبدلات والسيارات المصفحة للنواب رغم الأزمة الاقتصادية»!
خبر منسوب لغادة والى وزيرة التضامن يقول «اتجاه لفرض غرامة مالية على كل أسرة تنجب طفلا ثالثا ورابعا»!
تصريح منسوب لداليا خورشيد وزيرة الاستثمار السابقة عنوانه «قانون بإفلاس مصر قريبا»!
صورة للرئيس فى موكب فخم مهيب مع عبارة «بلد فقرا قوي»، وصورة لرئيس وزراء كندا يسير فى الشارع مع أسرته بلا حراسة، وتحتها تعليق «بلد الرفاهية»!
نماذج صريحة و«فاجرة» لـ«إنتاج» جيوش اللجان الإلكترونية فى الداخل والخارج يتداوله شعب «الفيسبوك» فى مصر بسعادة وبلاهة وكأنه «فتح عكا»، وهو لا يدرك بذلك أنه يصبح شريكا ومباشرا فى تنفيذ وإنجاح الحرب النفسية، المرحلة الأهم فى مخطط هدم مصر، وكأننا لم نتعلم بعد من درس يناير الأليم!
هذه هى حرب الجيل الرابع التى يجب أن نعترف بأننا نخسرها تدريجيا، بعد أن «تعالينا» عن تصديق فكرة «المؤامرة»، وارتضينا بأن تكون مواقع التواصل الاجتماعى مصدر معلوماتنا وصانعة قراراتنا وتوجهاتنا، واستسلمنا لطوفان «التوجيه» الإلكترونى المخطط والخبيث الذى لا يختلف مضمونه وهدفه إطلاقا عن فيديوهات داعش الصريحة، وآخرها فيديو منفذ اعتداء الكاتدرائية لمن قرأ عباراته جيدا!
لم يذكر صاحب الصورة الأولى أن «أباطرة» تدوير المخلفات فى مصر يكلفون صبيانهم بالتنقيب فى صناديق القمامة يوميا عن المخلفات الصلبة لبيعها للمصانع بأسعار مرتفعة، ومن لا يصدق هذه المعلومة فليسأل أى بائع «روبابيكيا»، ولكنه الكذب!
لم يذكر صاحب الصورة الثانية أنه يحرض على فكرة الدولة الفاشلة، فبلد بلا برلمان، اتفقنا أو اختلفنا مع أدائه، بلد غير مكتمل المؤسسات، وبلد غير قادر على حماية ثانى أكبر مسئول فيه، هو صومال أو يمن، وهو المطلوب طبعا!
لم يذكر صاحب خبر غادة والى أنه يفبرك، فما قالته الوزيرة بالحرف الواحد هو أن «الأسر التى تنجب ٦ و٧ و٨ و٩ أطفال وتترك أولادها بلا رعاية واهتمام وينتهى بهم الحال بلا تعليم أو حماية لابد من محاسبتها»، وانتهى الكلام!
لم يذكر صاحب خبر «إفلاس مصر» أن الوزيرة كانت تتحدث عن قانون يجرى إعداده لتنظيم حالات إفلاس التجار، ليس أكثر، ولكنها العناوين المفزعة التى يضعها كاذبون وينشرها «سذج» و«مهرجون»!
لم يذكر صاحب صورة موكب الرئيس أن يوضح أن الصورة للموكب كانت فى يوم التنصيب بقصر القبة، وأن الرئيس سبق وأن التقى بمواطنين عاديين فى الشارع أكثر من مرة، وآخرها فى أسوان، ووقتها قالوا «تمثيليات»!
لم يذكر صاحب الصورة أن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى تحارب إرهابا قذرا بمفردها ودون مساعدة من أحد، وأن صورة رئيس وزراء كندا «المشيرة» على الفيسبوك تم التلاعب فيها لإخفاء وجود اثنين أو ثلاثة من الحراس الشخصيين لترودو وأسرته فى الخلفية، ومن لا يصدق فليراجع الصورة الأصلية، ولكنها صناعة الكذب أيضا!
وحتى جملة «فقرا قوي» التى أصبحت مثارا لسخرية بعض البلهاء، تم اقتطاعها من سياقها تماما، فباقى حديث الرئيس فى أسوان يوضح معناها بالضبط، حيث قال متحدثا عن «أهل الشر» : «اسمعوا الكلام .. إحنا بنقول لكم المرض، يبقى إحنا ها نصمد، وها نكافح، وها نبني، وها نقول لهم إن رغم فقرنا ها نطلع لقدام ونبقى كبار، إوعوا تكونوا مش مصدقين إنكم هاتبقوا بلد عظيمة».. هذا ما قاله الرجل.
إذن، ليس عيبا أن نكون فقراء «قوي»، ولكن العيب أن نكون «كدابين قوي» و«سذج قوي»، ونكره بلدنا بهذه الصورة «قوى قوى قوي»!