المصريون
جمال سلطان
انتخابات الصحفيين وتصريحات ضياء رشوان
انزعجت كثيرا من الحوار الذي نشرته "الوطن" أمس مع الصديق الدكتور ضياء رشوان ، الباحث المحترم ونقيب الصحفيين السابق ، كانت روح الحوار كلها محبطة وشديدة التشاؤم ، وقد وصل التشاؤم إلى حد طرح ضياء مخاوفه من "مصادرة" النقابة عبر القناة الشهيرة بوضعها تحت الحراسة ، كما تحدث عن الانقسامات الشديدة داخل النقابة وعن تراجع هيبتها وهيبة الصحفيين أمام الدولة ومؤسساتها عن ذي قبل ، وأنه كان قد عرض على الزميلين يحيى قلاش النقيب الحالي وعبد المحسن سلامة المنافس الأهم له حاليا على منصب النقيب ، أن يكون هناك توافق على مرشح واحد يحقق وحدة النقابة ويصنع جسرا للتوافق الداخلي والخارجي مع الدولة ومؤسساتها ، وعندما رفض الاثنان كان قراره ـ ضياء ـ بأن ينسحب من السباق بعد أن كان قد أعلن ترشحه . ما قاله ضياء رشوان كلام سليم بالفعل ، بدافع الحرص على وحدة النقابة ومستقبل المهنة بشكل عام في دوامات سياسية تعصف بالبلد حاليا ، والتوصيف الذي قدمه لأزمة الصحافة ونقابتها توصيف صحيح ، لكن الخلاف يبقى حول "تسبيب" تلك الحالة ، وأيضا في طريقة الخروج من هذه الأزمات ، فهنا قد يكون هناك خلاف في وجهات النظر ، فما فهمته من الحوار أن الدكتور ضياء يلقي بتبعات الأزمات وأسبابها كلها على النقابة ومجلسها الحالي ، بما في ذلك أزمة اعتصام اثنين من الصحفيين وما تلاها من اقتحام النقابة ثم محاكمة النقيب واثنين من أعضاء المجلس وهم بانتظار الحكم النهائي الذي قد ينتهي بحبسهم في سابقة لم تعرفها الصحافة منذ تأسيس النقابة ، ولو حدثت فستسجل في تاريخ الرئيس عبد الفتاح السيسي ، أنه أول رئيس جمهورية يحبس نقيب الصحفيين ، بكل ما لتلك الرسالة من انعكاسات دولية على سمعة النظام ، والشاهد أن كلام ضياء أعطى انطباعا عن أن "الدولة" كانت تحاول علاج المشكلة ولكن النقابة هي التي تسببت في فشل ذلك ، وقد توقفت طويلا أمام ما قاله الصديق العزيز عن أن الدولة ممثلة في أعلى سلطتها السياسية ـ الرئاسة قطعا ـ كانت قد طرحت تسوية لأزمة النقيب والعضوين بعيدا عن القضاء ، وأنهم طلبوا من يحيى قلاش أن يؤجل إعلان ترشحه للنقابة يومين لحين تسوية الأزمة ، ولكنه رفض أو تعجل ، وهو كلام قد يفهم منه أن القضية من بدايتها ـ وبعلم الرئاسة ـ كانت محاولة لتأديب النقابة والنقيب ، وليس تحقيقا لعدالة أو بحثا عنها ، كما يفهم من الكلام أن المسألة وصلت إلى حد المقايضة ، سيب وأنا أسيب ، أسوي لك القضية ولا أحبسك مقابل أن تترك منصب النقيب ولا تترشح فيه من جديد ، وهذا هو الكلام المحبط فعلا لأنه يكشف إلى أي مستوى وصلت طريقة إدارة شؤون الدولة ومؤسساتها ، وأنا أثق تماما في أمانة ضياء رشوان عندما نقل الكلام ، كما أثق أنه بذل جهدا بالفعل لإنهاء هذه الأزمة . أزمة نقابة الصحفيين ، وقضية عمرو بدر ، والتي تحولت لقضية النقيب وخالد البلشي وجمال عبد الرحيم ، ليست استثناء من أزمات المجتمع والقوى السياسية والنقابية والأحزاب وحتى البرلمان وأعضائه الذين يطردون ويهددون بالمحاكمة على أي خلاف أو نقد ، هناك "غشومية" واضحة في إدارة الدولة لأزماتها ، الأمر يختلف كثيرا حتى عن "صلف" مبارك ونظامه ، لكن كان وقتها هناك عقل سياسي في الدولة يدير الأزمات ويعرف حدودها ويحسب بدقة مآلاتها السياسية ، ومسألة اعتصام الصحفيين في النقابة تكررت من قبل ، حتى أيام مكرم محمد أحمد ، ولم تحاول الدولة أبدا التفكير ـ مجرد التفكير ـ في اقتحام النقابة بقوات الأمن للقبض على الصحفيين ، كما أن الجميع يعلم أن الحملة على النقابة كانت غضبا من المظاهرات الحاشدة والمفاجئة في أزمة تيران وصنافير والتي شهدت ـ لأول مرة ـ هتافات تطالب برحيل السيسي ، وتسببت في حرج للنظام ، ففهم الجميع من وقائع ما جرى بعدها أن الدولة تحاول "تأديب" الصحفيين . بغض النظر عن من يفوز من المرشحين ، قلاش أو سلامة ، فكلاهما يحظى بسمعة طيبة ، وكلاهما يملك خبرة نقابية ، لكني أتفق مع ما قاله ضياء رشوان بأن النقابة في حاجة إلى وقف الانقسامات داخلها ، كما أن المجلس الجديد سيكون بحاجة إلى إيجاد ما يشبه مجلس أمناء أو مستشارين من شيوخ المهنة وخبرائها ، وأتمنى أن يكون ضياء من بينهم ، يكون لهم دور كبير في استيعاب الأزمات من خلال اجتماعات دورية مع مجلس النقابة وتقديم وجهة النظر فيها ويسهمون في تعزيز جسور من التواصل بين النقابة وبين المجتمع والدولة والحركة الوطنية بشكل عام .
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف