المصريون
معتز محجوب عثمان
التطبيع مع الكيان الصهيوني في السودان ..رهان الوهم والخسارة !
(إن الشعبين المصري والأردني هما أكثر الشعوب العربية “كراهية لإسرائيل ورفضا للتطبيع معها”، مشيرا إلى أن حرص الدولتين على تطوير العلاقات بين الجانبين يعبر فقط عن توجهات الأنظمة “الديكتاتورية” فيهما) - المستشرق الصهيوني اسحاق بلاوي . (المسلسل لا يعكس حالة العداء الشديد التي يكنها الشعب المصري تجاه الإسرائيليين، مشيرا إلى أن الشعب المصري “مشبع بالتوجهات اللاسامية) - اسحاق ليفانون السفير الاسرائيلي السابق في القاهرة معلقاً على حلقات مسلسل ( حارة اليهود) الذي عرضه التلفزيون المصري مؤخرا. ليس التاريخ ولا الجغرافيا ولا العلوم السياسية ذاتها تستطيع ان تفسر حالة العداء القوية تجاه هذا الكيان المسمى ( إسرائيل) والذي يساكن العرب والمسلمين المنطقة رغما عنه ككائن طفيلي وجرثومة خبيثة منذ العام 1949 من القرن الماضي . ولعله من الغريب ان تكون هذه الشواهد الاجتماعية الواقعية حاضرة كما اورناها في اول المقال ويفكر اليوم بعضنا في السودان في التطبيع واقامة علاقات نتوهم انها سوف تكون (طبيعية ) مع دولة الصهاينة؟ ولنسأل انفسنا هل اسرائيل نفسها دولة (طبيعية) لننشئ معها علاقات طبيعية ؟ ! هذا سؤال مهم للغاية في تحديد طبيعة العلاقات مع الآخرين لانه وبمنطق علم الحيوان لا يستطيع الكلب الطبيعي ان يقيم علاقة طبيعية مع كلب عقور مصاب بالسعر مثلا رغم انهما كلبين في النهاية !..اما ان يقيم الخروف علاقة مع الكلب المسعور نفسه فهذا خارج حدود العلوم الطبيعية نفسها !.. الدعوة للتطبيع بإقامة علاقات طبيعية مع دولة مثل اسرائيل دعوة ليس لها ما يسندها من منطق ولا دليل ولا اعني بذلك الدليل الشرعي فذلك أمر آخر ولكن اعني منطقة مصالح الدول التي تنظم العلاقات الدولية على اساس السلام والمصالح المشتركة وحسن الجوار . وهنا نقول لإصحاب منطق صحة وجواز التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني إذا كنتم تعترفون ان اسرائيل دولة ليست طبيعية بل محتلة وبموجب قوانين الأمم المتحدة فكيف سوف تنشئون معها علاقات طبيعية ؟! ولماذا تستوردون لنا ازمات جديدة للسودان المنكوب بفشل سياسييه منذ الاستقلال ؟ وتعالوا لنناقش حجج دعاة التطبيع والتقارب مع إسرائيل فهي واهية كبيت العنكبوت . ومنها مايثار ان النبي صلى الله عليه وسلم صالح اليهود وان الصلح في الإسلام جائز ! وان الصلح معهم من السياسة التي يقدرها الحاكم من حيث المصالح او المفاسد !, وهذه حجة ضاحدة فالرسول صلى الله عليه وسلم صالح اليهود في المدينة وكانوا ( عرباً) والمدينة موطنهم وهم اهل بلد وليسوا محتلين من الخارج قتلوا الالاف من الشعب الفلسطيني وشردوا اهله !...والمقارنة بين اليهود العرب زمن الرسالة والصهاينة اليوم مقارنة ساذجة تنبئ عن خواء ثقافي فكري وامية تاريخية موغلة في السطحية ! فحتما العالم كله يعلم ان اسرائيل نشأت بموجب حركة سياسية عنصرية اسمها ( الصهيونية) اسست كيان الاحتلال بموجب افكار عنصرية بغيضة دعا لها مؤتمر بال بسويسرا في العام 1897 وعرابه ثيودور هرتزل هو من حرض اليهود في العالم على هذه الفكرة الخبيثة بعد ان ضاق عليهم العالم بسبب سؤ معاشرتهم للشعوب في اوروبا والتاريخ يشهد . وبالتالي ليس كل اليهود في العالم صهاينة ! وهناك مجموعات من اليهود مثل جماعة ناطوري كارتا اليهودية ترى قيام دولة لليهود محرم بنص التوراة ! بل وتدعوا علنا للقضاء على اسرائيل ! إذن فالمقارنة تسطيح متعمد بالعقول وهوغير مقبول من بعض المثقفين فالفرق واضح . اما جواز الصلح في الإسلام فصحيح ان الإسلام يجيز الصلح مع المحارب ولكن بشرط ان تكون لديه الرغبة فعلاً في السلام والصلح حتى يكون الاتفاق يحقق المصلحة فقد قال الله ( كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ اللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ عِندَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۖ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ) 7 التوبة . والسؤال لدعاة التطبيع هل ترون اسرائيل شريكا حقيقيا للسلام ؟ هل استقامت لمن اتفقت معهم؟ دعك ممن لم تتفق معهم ! اي اتفاقية اوفت اسرائيل بها مع مصر والاردن حتى الان ؟ هل السلام فقط وقف للعدوان العسكري ؟ علينا ان نسأل السلطة الفلسطينية التي وقعت اتفاق اوسلو للسلام في 1991 عن اراضي الضفة والقدس الشرقية التي تبتلعها اسرائيل اليوم وبالقانون امام العالم غير عابئة لا بمواثيق امم متحدة ولا قانون دولي ولا حتى الاتفاقات مع الفلسطينيين التي وقعت تحت اشراف الدول الكبرى !. هل هذه اسرائيل التي تودون السلام معها ؟ اسرائيل التي ترفض الإعتراف بقتل المئات من الجنود الاسرى المصريين منذ حرب حزيران 1967 وارسال رفاتهم لمصر ( الدولة المصالحة لهم ) ! بل وتنكر ذلك وتتلاعب حتى اليوم مع دولة يفترض انها صديقة ! اسرائيل التي لم تحترم الدولة المصرية اليوم رغم التعاون غير المحدود معها من نظام السيسي فسحبت سفيرها وابقته في تل ابيب بزعم مهددات امنية وشيكة ! هل هذه هي اسرائيل التي تريدون السلام معها ؟ .. حجة اخرى يطلقها مؤيدو التطبيع ان السلام مع الصهاينة ان التطبيع من جانب السودان من شأنه ان يسهل التعامل مع امريكا والغرب ! وان السودان لماذا يدفع وحده ضريبة كفاح الشعب الفلسطيني ! واننا في ظروف اقتصادية صعبة نحتاج فيها لشئ من السياسة والكياسة ! وهذه حجة واهية كذلك فالدول تقيم علاقاتها مع بعضها وفق المصالح الثنائية وليس المركبة ! فالمشكلات في العلاقة مع امريكا معروف ماهي اسبابها ولم تقل الولايات المتحدة الامريكية يوما واحدا ان السبب في مشكلات علاقاتها مع السودان هو عدم تطبيعه مع اسرائيل ! وإلا لكانت هناك ازمات في العلاقات بين امريكا وعدد كبير من الدول العربية غير المطبعة مع اسرائيل وابرزها المملكة العربية السعودية مثلا او الجزائر ذات الحساسية الشديدة شعبيا وسياسيا تجاه دولة الكيان الصهيوني ! لكن الواقع يقول ان العلاقات الامريكية السعودية استراتيجية وحميمة ! وكذلك مع الجزائر قوية ومتميزة رغم عداء الشعب الجزائري الصارخ لاسرائيل ولقد ظل الجزائريون بعاطفة عربية إسلامية اصيلة يعبرون في كل محفل عن سند قوي للقضية الفلسطينية بل العلم الفسطيني حاضر في كل المحافل الجزائرية عاليا حتى في مباريات كرة القدم ! فلماذا لا تغضب امريكا من الجزائر ؟!!. هذه اوهام غير صحيحة وحجة ملفقة فبرغم من ان امريكا هي الحليف الاستراتيجي لإسرائيل إلا انها لا تشترط التطبيع مع اليهود الصهاينة كشرط لمصالحها مع اي دولة ! فهذا غير منطقي وينافي طبيعة العلاقات الدولية نفسه. لكن تعال نسير وفق هذه الحجة فهل اليوم يتمتع النظام المصري بقيادة السيسي بعلاقات مميزة مع امريكا ام روسيا ؟ رغم التعاون غير المسبوق مع اسرائيل كما قلنا من قبل ! لماذا لم تعيد امريكا تطوير علاقاتها مع تركيا بعد إعادة فتح السفارة وعودة السفير وتطبيع العلاقات وظلت العلاقات الامريكية والتركية باردة ؟!! بينما وقعت امريكا الاتفاق النووي مع إيران وهي دولة تصنف انها داعمة للإرهاب ! وتعلن صباحاً ومساء رغبتها في إزالة اسرائيل من الوجود ! فليفسر لنا دعاة التطبيع هذه المعضلة في فهم العلاقات لنفهم حجتهم الواهنة في التقارب مع دولة الكيان الصهيوني . ثم تعالوا لنقيم اخيرا العلاقات الإسرائيلية المصرية والاردنية ولنرى حصاد اتفاقيات السلام مع دولة يفترض انها اصبحت صديقة ! ففي ايام ثورة يناير في مصر تم القبض على ضابط الموساد الإسرائيلى "إيلان تشايم جرابيل" المتهم بالتجسس،والذي دخل القاهرة بتأشيرة مزورة !يقول الصحفي المصري عادل عامر في مقال بعنوان (جواسيس عصر السلام) بموقع جريدة الواقع الالكتروني ( طابور العملاء يمتد من إبراهيم شامير وطحان وعزام إلى الفيلالي ومجدي ووليد طرق وأساليب جديدة للتجسس في عصر السلام لا تكف حلقات أعمال التجسس الإسرائيلي على مصر عن الدوران والاستمرار، فبين الحين والآخر تتكشف عملية مخابراتية جديدة، وعلى الرغم من انتهاء الحرب العسكرية بين مصر وإسرائيل عام 1973 وتوقيع البلدين معاهدة سلام إلا أن حرب المخابرات بينهما لم تهدأ وظلت عمليات الجاسوسية تتواصل. ووفق العمليات التي تم الكشف عنها مؤخرا نستطيع القول ان عمليات التجسس التي تم الكشف عنها في ظل السلام فاقت عمليات التجسس التي تم الكشف عنها أوان الحرب العسكرية، فهناك طابور طويل من الجواسيس والعملاء الذين تساقطوا خلال العشرين عاما الماضية فقط ) ! اما قضية الجاسوس عزام عزام فاظنني لست احتاج الحديث عنها لكم فهي معروفة وكيف تعاملت معها مصر والقصص للجواسيس والعملاء في مر لا تنتهي ! السؤال لماذا تتجسس اسرائيل على دولة صديقة ؟! ولها معها علاقات دبلوماسية كاملة ؟ اليس التجسس حربا امنية خطيرة لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية بل احيانا اخطر منها لأنها تدمر الاستراتيجيات الوطنية لأي بلد مستقل وتقوده نحو الهاوية .وهذه صحيفة الأهرام الزراعي بتاريخ 19 اكتوبر2015 تكشف ما يلي : ( فى مفارقة تعكس مدى المؤامرة التى يتعرض لها القطن المصرى فائق الطول خارجيا ، والعجز الذى وصلت إليه زراعته داخليا، تسعى إسرائيل لتطوير أصناف من القطن طويل التيلة وفائق الطول يتشابه إلى حد كبير مع القطن المصرى، فى الوقت الذى وصلت إليه ميزانية معهد بحوث القطن إلى "صفر" . ) وهذا هو الدكتور نادر نور الدين أستاذ الموارد الزراعية بجامعة القاهرة، حيث افاد إن هناك انتشارًا واسعًا خلال الفترة الحالية بالأسواق المصرية للطماطم الإسرائيلية، مؤكدا أنه تلقى شكاوى عدية من مزارعين ومواطنين بمحافظة الإسكندرية، بوجود نوع غريب من الطماطم انتشر خلال الفترة الأخيرة بالأسواق المصرية لونها أحمر من الخارج ويغلب عليها الأخضر من الداخل. (موقع بوابة الشروق الالكتروني 3 نوفمبر 2013) لكن تعالوا للأخطر فحسب تقرير نشره موقع "واللا" الإخباري العبري مؤخرًا فإن الموقع يستعين بالشباب العربي لتمثيل أفلام جنسية مع إسرائيليات ليتم نشرها على الإنترنت.! يقول العاملون في الموقع، حسب التقرير الإسرائيلي، إنه يتم تصوير العرب مع الإسرائيليين في أوضاع مخلة بشكل طبيعي دون وضع ماكياج، ونتركهم يمارسون ذلك بحرية تامة أمام الكاميرات ! وأكدت التقارير أن تلك المواقع يتردد عليها أردنيون وسعوديون أيضًا، فيما أكدت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أن الترويج للدعارة بين العرب لن يسهم في نشر السلام، وإنما يملأ جيوب الإسرائيليين بأموال العرب ! فهل يريد دعاة التطبيع ان يروا اليهوديات وشبكات الإنحلال في شوارع الخرطوم ومجتمعاتها ؟! الا يكفينا مالدينا من حاضر الشرطة التي تدون كل يوم عشرات البلاغات والجرائم للأجانب الذين تربطنا بدولهم علاقات طبيعية بل وممتازة فكيف بدولة العدو يارب التي تريد ان تمتد من الفرات إلى النيل ! وعلمها يقول ذلك علنا منذ قرابة الثمانية عقود !وهاكم بعض الحصاد الاردني حيث المزارع الأردني جمال المصالحة، الذي يملك مساحة واسعة من الأراضي الزراعية الملاصقة للحدود مع فلسطين المحتلة، يتكبد بشكل مستمر خسائر كبيرة بسبب هجمات قطعان الخنازير الإسرائيلية على محاصيله الزراعية، دون أن يملك أي فرصة لصدها أو قتلها، لعدم وجود رخصة صيد أو حمل سلاح في هذه المنطقة الحدودية "الحرام". وتسببت الخنازير بهلاك محاصيل مختلفة للمزارع المصالحة الذي يملك وحدات زراعية في غور داميا والمناطق "الزورية"، على بعد 100 متر فقط من الحدود الأردنية الإسرائيلية كما في موقع ( الاردن )24 يقول مناف المجلي رئيس لجنة مقاومة التطبيع مع اسرائيل في الأردن ان عدد الشركات والمؤسسات المسجلة رسميا في الأردن ويملكها إسرائيلون؛ تبلغ 20 شركة، بينما يملك عرب 48 ما يقارب 8 شركات وتقوم هذه الشركات بشراء أراض أردنية تحت اسمها المرخص قانونيا". هل يريد دعاة التطبيع ان يشتري اليهود الاراضي في الخرطوم وام درمان وبحري وبقية الولايات ؟!! هل تريدون ان تحققوا لهم حلم السيطرة على ارض النيل مجانا؟!! ام تريدون معهم علاقات بدون تجارة وثقافة ؟!!... إن وهم وخبل التطبيع مع دولة الصهاينة شئ لا يمكن تصوره والمصائب التي يمكن ان تنتج عنه فوق التوقع ! فالثابت ان العقلية الصهيونية لا ترى في السلام إلا طريقة اخرى للحرب مع المسلمين والعرب لكن بأدوات ناعمة ! والمشكلة ان بعض المخدوعين والمستغفلين يريدون اقناعنا بغير هذا والحقائق ماثلة للعيان . إن السودان في حال طبع مع إسرائيل او اقام اي علاقات من اي نوع معها سوف يدفع وعلى الفور واستراتيجيا الثمن غاليا في امنه واستقراره الهش اصلا ! وليس لدى الدولة في السودان منذ الاستقلال اي استراتيجيات فعالة او تقنيات متطورة للتعامل مع علاقات مع دولة خطيرة مثل اسرائيل التي لا تؤمن ابدا كما وضح مما اوردنا هذا غير ان هذا التطبيع والعلاقات مع دولة الكيان الصهيوني سوف يسقط تماما شرعية النظام المستند على مرجعيات اسلامية وإن تراجعت وضعفت وسوف يفتح الباب لتكفير النظام بل واعلان الحرب عليه من فئات متطرفة تنتظر هذه الفرصة لنزع ورقة التوت الآخيرة ويا لحظها فكم من الشباب سينضمون لهم !.. نقول لدوائر صنع القرار عليكم إخراس اصوات دعاة التطبيع لأنها ستقودنا للهاوية وان بالونات الاختبار هذه سيكون لها مابعدها فالتاريخ يخبرنا ان كل من اقترب من هؤلاء اليهود احترق ! ورمى به التاريخ لمزبلته الابدية . * صحفي وكاتب سوداني مستقل
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف