محمد عبد الحافظ
الشرطة.. والعمال.. ورجال حــــــــــول الرئيس
مازلت عند رأيي بأن هناك رجالا حول الرئيس يضرونه، وسأكون حسن الظن وأقول بدون قصد، ولكن في كل الأحوال النتيجة واحدة وهي أن هناك ضررا يقع علي الرئيس والنظام والبلد.
وقد شرفت بحضور احتفال الدولة بعيد العمال ولي ملاحظات عديدة علي المكان وسيناريو الاحتفال، والحاضرين والمكرمين. أولا ليس من المناسب أن يقام الاحتفال في أكاديمية الشرطة فهذا احتفال العمال وليس الضباط، وكان من الأجدي أن يقام الاحتفال في مكان عمالي في موقع قناة السويس الجديدة ــ مثلا ــ هذا المشروع القومي العملاق الذي يعد رمزا يجسد روح العمل الحقيقية، وكان يمكن أن يقام سرادق عملاق علي شط القناة الجديدة يستوعب أكبر عدد من العمال في كافة المجالات.
ثانياً: بالنسبة للحاضرين فكان كل الحاضرين بلا استثناء من ذوي البدل والكرافتات والأحذية اللامعة وتدخل المكان وكأنك في حضرة رواد الأوبرا أو المسارح، ولاتجد العمال الشقيانين العرقانين الذين يرتدون ملابس العمل التي تفوح منها رائحة (الصنعة) التي هي أحلي بكثير من العطور الباريسية.
حتي في ترتيب الجلوس فكان يجلس في الصفوف الأولي الوزراء وكبار المسئولين وعلية القوم، وتواري من المقدمة العمال الحقيقيون الذين من المفروض أن الدولة تحتفل بهم ومعهم، وبدا المشهد وكأن العريس والعروسة تركا الكوشة للكبار في الفرح.
ثالثاً: المكرمون فحدث عنهم ولا حرج فقد تم تكريم اسم أحد العاملين وتسلم درع التكريم ابنه، ثم تم النداء علي ثلاثة عمال آخرين من القدامي، ثم تم الإعلان عن تكريم اثنين من شباب العاملين في بادرة قالوا إنها الأولي وفوجئنا أن أحد الاثنين هو من تسلم درع أبيه، وكأن تكريم العاملين أصبح بالتوريث، وأن اتحاد العمال لم يجد من بين ملايين العمال إلا هذا الشاب الفلتة.
وحتي عندما تم النداء علي أسماء المكرمين لم يكلف معدو الحفل أنفسهم أن يكتبوا نبذة عن كل من يتم تكريمه حتي يعرف الحاضرون، ومن يشاهدون التليفزيون من يكرمه الرئيس، وعاملوا المكرمين علي أنهم أعلام ومشاهير يعرفهم كل الشعب أو كأنهم نكرة لايستحقون أن يعرفهم الناس!
كل هذه الأخطاء الفادحة ــ التي ارتكبها منظمو هذا الاحتفال ــ تلتصق في النهاية بالرئيس وهو منها بريء.
حتي هؤلاء العمال «البهوات» الذين اصطفاهم اتحاد العمال لحضور الحفل لم يكن لهم هم خلال الاحتفال سوي الهتاف للرئيس، رغم أن الرئيس السيسي رفض هذه الهتافات أكثر من مرة ورد عليهم بردود قاطعة عندما قالوا إنه هو من أنقذ مصر قائلا: المصريون هم الذين حموا بلدهم.. قالوا: أنت البطل، قال لهم: الشعب هو البطل.. وقطع السيسي قول كل منافق عندما قال لهم: أنا لا رئيس ولا زعيم ولا سيد، أنا مصري.
وأضاف: أنا لن أحكم أحدا بالعافية، فالله جل جلاله وعز شأنه لم يجبر الناس علي عبادته.
إذن فنحن أمام رئيس مؤمن بالله إيمانا صحيحا، يتقي الله في شعبه وفي مهنته كرئيس، ولن يستطيع أحد أن يحوله إلي ديكتاتور أو إله، كما فعلوا مع رؤساء سابقين.
ولو حضر العمال الحقيقيون الذين أشرت إليهم من قبل كنا سنسمع شكاواهم، وأنينهم، ومطالبهم التي هي في النهاية هدف الاحتفال، وسبب حضور الرئيس، والدليل علي ذلك أن الرئيس لم يقرأ الكلمة المعدة مسبقا، وتحدث من خلال الملاحظات التي دونها أثناء كلمة رئيس اتحاد العمال.
إذن فالرئيس حضر ليستمع للعمال، ولكن منظمو الاحتفال كانت لهم وجهة نظر مغايرة!
< < <
الطاقم الرئاسي المساعد للرئيس السيسي لابد أن يمارس عمله كما يفعل الرئيس، وأن يدقق في كل التفاصيل التي تتعلق بالرئيس وتحركاته.
وليس فقط الطاقم الرئاسي الذي يجب أن يفعل ذلك. بل هذه مهمة كل مسئول في النظام، من أول رئيس الوزراء حتي أصغر مسئول في يده سلطة إصدار القرار، حتي تنجح التجربة المصرية التي بدأت بعد ثورة 30 يونيو.
وعلي سبيل المثال، التجاوزات التي تصدر من فئة قليلة من رجال الشرطة سواء كانوا ضباطا أو أفراد أمن، وآخرها مانشرته الصحف حول قيام ضابط بالشرقية باحتجاز أم ورضيعها في زنزانة مع المجرمات بحجة أنها كانت تعترض مع أسرتها علي محاولة الاستيلاء علي أرضهم، وبعد ظهور براءة السيدة خرجت وشكت للإعلام، وهذا حقها وهذا واجبنا، ولكن ماذا فعلت الداخلية تجاه هذه الشكوي؟.. لاشيء. ولكن هذا الخطأ الفردي يلوث ثوب الداخلية، ويشوش علي العمل النبيل الذي يقوم به ضباط آخرون يضحون بحياتهم ليحمونا ويستشهدوا فداء للوطن.
وطبعا ليس عندي أمل في ألا يكون هناك أخطاء من الشرطة، فكل أجهزة الشرطة في العالم ترتكب أخطاء.. ولكن ما آمل فيه وهذا سهل أن يتم متابعة ورصد كل خطأ شرطي، وأن تصدر الداخلية بيانا بكل واقعة، وأن تعلن عن العقوبة التي تم توقيعها علي المخطئ، فجهاز الشرطة عاد لأحضان الشعب من جديد بعد 30 يونيو، وعادت الداخلية ورفعت شعار «الشرطة في خدمة الشعب» الذي أسقطه حبيب العادلي وزير داخلية مبارك.
وطالما هذا هو الشعار فيجب أن يتم احترامه والعمل علي تنفيذه بكل دقة، وأن يتم التعامل مع المواطنين من منطلق أن المواطن دائما علي حق، وأن المتهم بريء حتي تثبت إدانته، وطبعا هذا مع المواطنين الذين لايرفعون الســلاح وليـس مــع الإرهــابيين حتي لا يزايد أحد علي ما أقول.
< < <
الشرطة هي الوجه الحقيقي للنظام في أي بلد، وإذا ما تجاوز أحد رجالها يلتصق هذا التجاوز فورا بالنظام.
ولايمكن أن تضحي الشرطة بدماء مئات من رجالها الذين استشهدوا مقابل التستر علي مخطئ أو متجاوز أو متعجرف، ولتضع أمام أعينها أن الثقة التي عادت بين الشرطة والشعب غالية.. وأنها إذا ضاعت فلن تعود مرة أخري.