السيسي بنفسه قال: "إحنا فقرا قوي"! ولا ندري بمن يقصد الرئيس بالضمير "إحنا".. إحنا مين بالضبط؟! الناس اللي تحت أم اللي فوق أم اللي نص نص؟! ماذا يقصد السيسي: الشعب أم النخبة المحيطة والمقربة؟! فضلًا عن سؤال آخر: من الذي يصنع الفقر، ومن الذي يصنع الأغنياء على عينه؟! أريد مثلًا تفسيرًا للقرار الجمهوري بتحويل أراضي الحزام الأخضر التابعة لمدينة 6 أكتوبر، وكذلك بعض المناطق بمدينة الشيخ زايد من أراضٍ زراعية إلى أراضٍ للبناء؟! وقد أعجبني تعليق الصديق العزيز الزميل أشرف البربري في الزميلة "الشروق"، حين كتب ـ معلقًا على هذه الواقعة ـ قائلًا "مليارديرات بقرار جمهوري"!! ففي حين يدفع النظام بقراراته الاقتصادية، المصريين يوميًا إلى جحيم الفقر "الدكر".. فإنه بجرة قلم من "الاتحادية" يحيل "الكبار" و"المدللين"، وذوي المهن السيادية إلى مليارديرات. هذه الأرض "الحزام الأخضر" ـ 60 ألف فدان ـ كان من بين التقارير التي تناولها المستشار هشام جنينة، والتي قال إن ما يقرب من 30 ألفًا منها، وزعت على باشاوات المهن السيادية، أخذوها بالفدان.. وسيبيعونها الآن بعد القرار الجمهوري بالمتر.. ليمسوا في غمضة عين من أصحاب الحسابات البنكية الأسطورية!! في السياق فإن السخاء الرسمي على كل مظاهر الإلهاء، يأتي أيضًا كإشارة إلى أن السلطة تُفقر من تشاء.. وتُغني من تريد.. فعلينا أن نتأمل مشاهد الطوابير الطويلة للمصريين؛ للحصول على كيس سكر.. وفي المقابل تصدمنا ما يجري خلف الكواليس في فضائية جديدة، تواترت كل الأخبار والتقارير التي تؤكد أنها تابعة للسلطة: برنامج واحد تقدمه مطربة شابة، يدفع مكافآت دولارية خرافية في الحلقة الواحدة لضيوفها من الفنانين.. الذي كشف هذا "السفه" في الإنفاق على أدوات الدولة للإلهاء.. خلافات حدثت بين مقدمة البرنامج "شيرين".. والمطربة أنغام.. حين اعترضت الأخيرة على المكافأة المقررة لها 40 ألف دولار ـ 800 ألف جنيه ـ واعتبرتها إهانة لها، لأن الفضائية دفعت للمغنية أصالة 50 ألف دولار ـ مليون جنيه ـ لظهورها في حلقة واحدة. الخلافات كشفت عن مستوى السفه واستفزازه الذي فاق قدرة أي عاقل على كظم غيظة.. تخيلوا مثلًا: الفضائية "المدللة" دفعت للمغني التونسي صابر الربيعي 120 ألف دولار، يعني أكثر من 2 مليون جنيه، مقابل تشريفه مع الست "شيرين" على الفضائية الجديدة. لاحظ ـ هنا ـ أن هذه المبالغ تدفع للفنانين بالدولار.. في الوقت الذي بات فيه الاحتياطي النقدي للدولة من الدولارات على حافة الانهيار!! فإذا كنت قادرًا على أن "تنقط" الفنانين بكل هذه المبالغ الضخمة من الدولارات، مع كل ليلة "سواريه" يقضونها مع "شيري".. فلمَ ـ إذن ـ يجوع هذا الشعب وتحمله فاتورة مد اليد إلى صندوق النقد الدولي.. وإلى الدول الخليجية التي ما انفك بعضها.. يتبعون ما ينفقون به علينا بالمن والأذى؟!