* يعد هذا الأسبوع من أكثر الأيام حزنا في الوسط الموسيقي الأكاديمي حيث توفي فجأة المؤلف الموسيقي د. علي عثمان قائد أوركسترا النور والأمل واتشح الفيس بوك بالسواد حيث نعاه وتحدث عنه وبكاه تقريبا معظم زملائه وجميع تلاميذه وتلميذاته بدون استثناء وكان سرادق عزائه مكتظاً بعدد كبير من أحبائه كما أن عدداً كبيراً من عضوات هذا الأوركسترا الفريد كن في حالة انهيار كامل وكانت السيدة آمال فكري رئيسة جمعية النور والأمل تتلقي العزاء كأنها أمه كما كان يصفها في حياته ونشرت بعض الصحف خبر الوفاة ولكن نحن في جريدة "المساء" سبقنا الجميع حيث إنه كان صديقا لصفحة الموسيقي والأوبرا في هذه الجريدة منذ آواخر الثمانينات وتتبعنا مراحله الفنية وأيضا الانسانية وكتبنا في هذه المساحة منذ عام تقريبا مقالة عنه أهديناه له عندما مر بأزمة صحية وهذا يجعلنا نشعر ببعض الارتياح اننا كرمناه في حياته بالاضافة لمتابعتنا النقدية لمؤلفاته ولحفلاته والتي تضمن كتابي "الفن الجميل" بعضا منها.
وبعد وفاته تحدث الجميع عن أخلاقه الحميدة ونقاء قلبه وصفة الرجولة والجدعنة والعطاء التي اتسم بها والتي نتفق مع الجميع فيها.
د. عثمان رحمه الله لم يكن مايسترو لبنات مكفوفات رأي تدريبهن رسالة هامة وطاف بهن العالم وكان يعزف في كل مقطوعة لأحد مؤلفيها مما أثري ريبرتوار هذا الفريق ولكنه كان ذا قيمة في عالم الموسيقي المصرية المتطورة كمؤلف دارس بعمق ومثقف ومالك لأدواته العلمية والأهم أنه كان موهوبا ويسعي بجدية لتطوير الموسيقي العربية وكان له أسلوب متميز كما له مؤلفات صوفية فاز باحداها في احد المهرجانات العالمية الهامة في أوروبا.
أما اعادة صياغة الموسيقات المصرية للأوركسترا وللغناء الأوبرالي فحدث ولا حرج حيث أبدع الكثير منها نذكر علي سبيل المثال لا الحصر لونجا رياض ومجموعة أغاني الكريسماس وعدد كبير من الأغاني الفردية.
وعلي عثمان لم يكن مبدعا ومعلما فقط بل كان له دور بارز في مهرجان اتجاهات عربية الذي ظل أوركسترا القاهرة السيمفوني يقدمه لعدة سنوات وطوال متابعتي الصحفية لاحظت أنه لم يكن هناك حفل للمؤلفات المصرية إلا اشترك فيه وكانت مقطوعاته التي تعزف من أهم فقرات البرنامج ولا أنسي حفل المؤلفات العربية الذي قدمه أوركسترا القاهرة السيمفوني بقيادة المايسترو محمد سعد باشا في يناير 2015 وعزفت فيه مقطوعة له بعنوان "امتزاج" وكان سبق عزفها في النمسا وقد استخدم فيها عناصر الموسيقي العربية والسودانية بتقنيات غربية ومعاصرة تمثل تجديدا في أداء فريقنا المصري واضافة لرصيده الفني ود. علي عثمان ولد في السودان ولكن درس في مصر التي عشقها وتزوج منها وحصل علي جنسيتها ونتمني أن زوجته السبرانو تحية شمس الدين تسعي لجمع أعماله التي نأمل أن تهتم الأوركسترات القومية بعزفها وتقديمها للجمهور ليس تكريما له فقط وانما كأحد الوجوه المشرفة في موسيقانا المتطورة.
رحم الله هذا الفنان الخلوق الذي نادرا ما يجود الزمان بمثله والذي سوف يبقي خالدا بابداعاته وبسيرته الطيبة وفي جنة الخلد إن شاء الله.