الجمهورية
د. محمد مختار جمعة
المرأة واعظة
عندما ننظر في ديننا الإسلامي الحنيف نجد أنه قد كرم المرأة أماً وأختاً وزوجة وبنتاً وإنسانة. حيث يقول نبينا "صلي الله عليه وسلم": "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره. واستوصوا بالنساء خيراً" "رواه البخاري". ويقول "صلي الله عليه وسلم": "إنما النساء شقاثق الرجال" "رواه البيهقي في السنن الكبري".
فالمرأة صنو الرجل في معترك الحياة. في شتي جوانبها. وفي مجال العلم والدعوة برزت نساء كثيرات ممن حملن العلم والحديث رواية ودراية. منهن أم المؤمنين عائشة "رضي الله عنها". وأم المؤمنين أم سلمة "رضي الله عنها". وأم عطية الأنصارية التي تعد من فقيهات الصحابة. وأسماء بنت يزيد ثالث امرأة في رواية الحديث بعد عائشة وأم سلمة "رضي الله عنهن أجمعين". وغيرهن ممن روين الحديث كالصماء بنت يسر. وميمونة بنت سعد مولاة رسول الله "صلي الله عليه وسلم".
وفي المجالس الأدبية الكبري عرف مجلس السيدة سكينة بنت الحسين بن علي. والسيدة عقيلة بنت عقيل بن أبي طالب.
كما عرفت المرأة شاعرة وأديبة وكاتبة. ولا يمكن لأحد أن ينكر تاريخ الخنساء في الشعر الجاهلي أو يغض الطرف عنه أو عن غيرها من شاعرات وأديبات العرب عبر عصور الأدب المختلفة قديمها وحديثها.
وقد قررنا في وزارة الأوقاف أن نشرك المرأة وبقوة في العمل الدعوي والوعظي والقيمي والتربوي إيماناً منا بقدرتها علي ذلك من جهة. وحاجتنا إلي جهدها من جهة أخري. ولهدف ثالث أصيل. وهو ألا نترك الساحة خالية لنساء غير متخصصات أو متشددات أو متطرفات فكرياً أو تابعات لجماعات أو تيارات متشددة أو منتمين لها. ذلك أن النفس إن لم تشغلها بالحق شغلت بالباطل. وأهل الباطل لا يعملون إلا في غياب أهل الحق. ويكفي كدليل علي ما يمكن أن تتحلي به المرأة الداعية من الحكمة أن أنقل لكم وصية هذه الأعرابية التي توصي ابنتها فتقول أي بنية: إن الوصية لو تركت لفضل أدب تركت ذلك لك. ولكنها تذكرة للغافل ومعونة للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغني أبويها وشدة حاجتهما إليها كنت أغني الناس عنه. ولكن النساء للرجال خلقن. ولهن خلق الرجال.
أي بنية: إنك فارقت الجو الذي منه خرجت. وخلفت العش الذي فيه درجت. إلي وكر لم تعرفيه. وقرين لم تألفيه. فأصبح بملكه عليك رقيباً ومليكاً. فكوني له أمة يكون لك عبداً وشيكاً. واحفظي له خصالاً عشراً يكن لك ذخراً.
أما الأولي والثانية: فالخشوع له بالقناعة. وحسن السمع له والطاعة.
وأما الثالثة والرابعة: فالتفقد لمواضع عينيه وأنفه. فلا تقع عينه منك علي قبيح. ولا يشم منك إلا أطيب ريح.
وأما الخامسة والسادسة: فالتفقد لوقت منامه وطعامه. فإن تواتر الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة.
وأما السابعة والثامنة: فالاحتراس بماله والإعاء بحشمه وعياله. وملاك الأمر في المال حسن التقدير. وفي العيال حسن التدبير.
وأما التاسعة والعاشرة: فلا تعصين له أمراً. ولا تفشين له سراً. فإنك إن خالفت أمره أوغرت صدره. وإن أفشيت سره لم تأمني غدره.
ثم إياك والفرح بين يديه إن كان مهتماً. والكآبة بين يديه إن كان فرحاً.
فما أحوجناً إلي مثل هذه الحكمة وهذا العقل. وعلي حد قول الرافعي: إن خير النساء من كانت علي جمال وجهها في أخلاق كجمال وجهها وكان عقلها جمالاً ثالثاً.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف