الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
الأستاذ محمد العزبي
تهنئة قلبية للصحفي الكبير الأستاذ محمد العزبي في يوم مولده.. عرفته منذ زمن نقرأ له وننتظر مقالاته في العدد الأسبوعي بجريدة الجمهورية. تتسم بالسرعة والايجاز المفيد المفعم بالسخرية الأدبية. اعتبر كتاباته اسهما جارحة وصارخة وهادئة تصيب الهدف فور انطلاقاتها في غير حاجة إلي اسهاب أو شرح أو استخدام ألفاظ قد يعتبرها البعض بلاغة أو تذويقا للكلام.. غبت عن قراءته فترة غير مقصودة واعادتني إليها زوجتي حين قرأت مقالا له في العدد الأسبوعي منذ سنوات واتصلت بسيادته يومها لاهنئه علي ما كتب.. وان كان يفوتني أحيانا بعض كتاباته بسبب عدم انتظام ممن يأتيني بالجرائد اليومية.
في مقال يوم الخميس الموافق 16/2/2017 تساءل الصحفي الكبير ساخرا: هل يدخل الصحفيون الجنة؟!
هذا سؤال لا يحتاج إلي أحد علماء الدين للاجابة عليه كما لا يحتاج إلي موزعي صكوك الغفران وإنما يحتاج إلي كاتب يعرف قيمة الكلمة ومعناها وقدسيتها ومسئوليتها أمام التاريخ والناس.
نحتاج إلي صاحب عقل إنساني واع يقدر قيمة الحرف والقلم يعرف ان الكلمة تخرج من أفواه المتحدثين أو تخطها أقلامهم لتضيف معرفة أو تقرر حكمة أو تصلح إنسانا أو تنقذ آخر.
نحتاج عقلا يعرف ان الكلمة سحر وبيان تغير المجتمعات وتدفعها إلي خير أو شر وفق اتجاه مصدرها أو تثبت الناس علي ما هم فيه من ثم لابد ان يكون قائلها أكثر عقلا وأصح وعيا وانضج خبرة حتي يتصدر لاطلاقها كتابة أو شفاهة.
لما كان الصحفي أو الاعلامي بصفة عامة هو من أناط به القدر ان يكون كاشفا للحقائق والرؤي فقد تعلق برقبته مصير الأمم والشعوب وتقييم حكامها والقاء الضوء علي افعالهم وتصرفاتهم وتطبيقاتها احياء للعدل وارساء لقيم الانسانية وصيانة كرامتها. الصحفي قيمة فكرية وعين الأمة وضميرها والأمين علي متطلعاتها ولسانها النابض بالحق والوعي يحتاجه المجتمع لكونه الصوت الذي يحمل همه ويعبر عن أمله ويتصل عن طريقه إلي الحكام كما ان الحكام يتصلون بالحكومين بجهده وعقله ووعيه.
ما يقوله الصحفي يصدقه الناس لميلهم إلي تصديق ما يسمعون أو يشاهدون أو يقرأون ذلك ان كثيرا من الناس يفكرون بادائهم من ثم فالصحفي أمين الأمة لا يكذب ولا يجامل علي حساب الحقيقة كما لا يذيع كل ما يعرف حتي لا يحدث بلبلة أو ينشر فوضي.
أما عن دخوله الجنة من عدمه فذلك يقدره الله وحده وان كنت اعتقد تماما بأن حقه دخول الجنة مادام اجتهد واصاب أو اجتهد واخطأ.
قديما عرفنا صحفيين كبارا احببناهم واحببنا كتاباتهم وسعينا إلي الاطلاع علي كل ما كانوا يكتبون. نفرح بما تصل أيدينا إليه من كتبهم ونقرؤه بنهم وحب. كان محمد التابعي ومصطفي أمين وجلال الدين الحمامصي وأحمد أبوالفتوح وغيرهم كثير احببناهم واحببنا الصحافة من خلالهم.
كنا نحزن كثيرا حين نجد صحفيا كبيرا مثقفا واعيا سخر قلمه للتسبيح بحمد رئيس وتمجيده إلي حد العبادة وجعل الناس يعتقدون ان تنفسه نغم وصوته كروان وحديثه سحر وافكاره إلهام من الله وهزيمته في الحرب مجرد كبوة لا تستحق التخلي عنه وحين يرحل هذا الرئيس لا يجد هذا الصحفي له مكانا وإنما تقل أهميته فيغضب ويسب وينتقد لغير وجه الله وإنما لوجه المصلحة الشخصية وان كان حظه بين زملائه وتلاميذه الذين انتفعوا من وجوده علي قمة الشهرة فقد جعلوه الاستاذ والرائد الذي لا مثيل له دون النظر إلي دوره في هذه الأمة طوال سنوات قربه من الادارة السياسية رغم ذلك لا نملك ان نقول انه ليس من أهل الجنة وندعه إلي الخالق جل وعلاء الذي يعلم كل خافية أو معلنة لكن ذنب المخدرعين والمغفلين يتعلق برقبته وأمثاله من الطبالين والزمارين وكدابي الزفة.
الصحافة والصحفيون هم نبض الأمم وصوت الشعوب والكشاف الذي يضيء السبيل أمام الحاكم والمحكوم هو المقامر بنفسه وبصحته وسمعته في سبيل كشف كل ما يخفي علي الناس وهو العقل المنقد دائما ليأخذ بيد الحقيقة ليقدمها للجمهور ومن ثم فغير سائع خروج الصحفي إلي المعاش عند بلوغه سنا معينة لأن العقل لا يشيخ والفكر لا يحدد بزمن.
هنيئا لنا نحن قراء كتابات الاستاذ الصحفي الكبير صاحب الخلق الرفيع محمد العزبي ادام الله قلمه فقد فجر فينا مقاله هذه الخواطر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف