نولد أبرياء أنقياء. ملمسنا كالحرير. قلوبنا أصفي من السماء. عيوننا تلمع بحب ونقاء. لا نعرف إلا الحب. ونحاط برعاية الجميع. ونرد علي أي كلمة حتي لو لم نفهمها بضحكة بريئة مغلفة بخجل لم تلوثه الأيام. لا يشغلنا كثيرا العالم وتقلباته. حروبه وانكساراته. صفقاته وانتصاراته. لا نلقي بالا لمن يكرهنا بلا سبب. فلا يحتل عيوننا إلا من نشعر بحبهم نجري ونلقي أنفسنا في أحضانهم بلا تردد أو خوف. فلم نفعل بعد ما نستحق عليه الحقد أو الكراهية. لم نعلن بعد عن طموحنا فيغار منا الرفقاء. ولم نتنافس بعد حتي يصبح لنا أعداء.
التجربة تثبت إن رجلا فقيرا عابرا لسبيل الدنيا عارفا لربه داعيا للخير سوف يعيش في جنة الخلد أفضل كثيرا من ملك ملوك الأرض لو كان فاسدا. ومن رئيس العالم لو كان حاكما ظالما. فلن يفيد صراع الأحزاب والقوي السياسة والحكومة والبرلمان. علي سلطة زائلة اذا لم يحركهم حب الوطن. ولن يفيد تمسك غيرهم بالعودة الي الحكم حتي لو رفعوا شعار القتل والدم والإرهاب. ولن ينفع الطابور الخامس الاستقواء بالخارج واشعال النيران في جسد الوطن. ولن تتسبب ظروفنا الاقتصادية الصعبة في عودة فسدة النظام المباركي. ولن تجعلنا نتحمل علي عهد أسقطه المصريون. وقد كان سببا مباشر فيما يعانيه الان. ولن ينجح اي نظام سياسي لا يستمع الي معارضيه قبل مؤيديه. ولن يفلح اذا تصور القائمون علية انهم منزهون عن الخطأ. ولن ننحاز لمعارضة ¢غشيمة¢ بدلا ما تقدم بديلاً حقيقياً. تكتفي بانتقاد النظام والمطالبه باسقاطه. كل هؤلاء وما يستخدمونه من أساليب مشبوهة جعلت شعبنا يرفع لهم الكارت الأحمر. ولم يعد مقتنعا انهم يعبرون عنه. بل يحب ان نعرف ان حب الناس مثل الشجرة تحتاج الي من يرويها وإلا ذبلت وماتت. ولن نشعر بالسعادة للفوز بمنصب أو سلطة عبر أساليب ملتوية ودنيئة. ولن يرتاح ضميرنا عندما نزيح ظلما وعدواناً من طريقنا كل من نقابله للوصول الي غايتنا حتي لو كانت فاسدة. فإذا لم تصلح أعمالنا سنكون خاسرين مهما ظننا أننا رابحون لان مكسبنا مجرد سراب فالأهم ان ننال رضا الله ومحبته.
ورغم أنني لست ملاكا منزها عن الهوي والخطأ. ولا أدعي أنني كنت أعيش في المدينة الفاضلة لكن عندما كبرت تمنيت أنني لم اكبر. وعندما اشتد بي عراك الدنيا وشاهدت خداعها وسوء مشاعرها. عندما عصرني ألم العاصمة وفجرها. عندما شاهدت كفرها وغدرها. عندما أيقنت لوعها في عشقها. ونذالتها عندما تبدي صداقتها. وخستها عندما لأسرارك تستودعها. تمنيت لو عشت حياتي كلها في قريتي بين أسرتي وأهلي. ولم أعش الغربة. ولم أشعر بفرقة الأحباب. فالعبرة ليس بحسن بدايتك. ولكن الأهم حسن مشوارك. وحسن خاتمتك. وانك عندما تخطئ تعود سريعا إلي رشدك. مستغفرا ربك. وما يصبرني أن جدتي أخبرتني ذات يوم. أن محبة الناس مفتاحها محبة الله. فادعوكم جميعا إلي نشر المحبة بينكم.والتكاتف من أجل العبور ببلدنا الي بر الأمان. وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة التي تحترم الدستور والقانون وتقوم علي العدل والمساواة.