الوطن
د. محمود خليل
كلام «يستاهل» الرد
فعلت الرئاسة خيراً حين نفت رسمياً الكلام الساذج الذى جاء على لسان أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية حول «توطين الفلسطينيين فى سيناء». نعم تأخر هذا الرد كثيراً، ولكن أن تأتى متأخراً خير من ألا تأتى. استوقفنى فى بيان المتحدث باسم الرئاسة إشارته إلى أن هذا الكلام تردد عبر «عبر وسائل الإعلام». وتقديرى أن هذا الوصف غير دقيق، لأن مصدر هذه المعلومة بالأساس كان «تويتة» على حساب «أيوب قرا»، الوزير فى حكومة «نتنياهو»، وكان من الطبيعى أن تتلقفها وسائل الإعلام وتتداولها، ويتجادل الناس حولها، استناداً إلى ما تتسم به من خطورة. فأساس المعلومة «سياسى» وليس «إعلامى»، وهو كان يوجب أن يتوجه هذا الرد إلى المسئولين فى إسرائيل أيضاً، وليس إلى وسائل الإعلام التى رددت هذا الكلام فقط. وحقيقة فقد تكررت التصريحات المقلقة -بالنسبة لمصر- على ألسنة عدد من المسئولين الإسرائيليين خلال الأيام الماضية وهى بحاجة إلى رد وتعليق سريع من جانب المسئولين فى مصر، لأن التأخر فى الرد يؤدى إلى البلبلة وإثارة الشائعات، وبالتالى يصبح توقف الرسميين أمام ما يثيره الإعلام غير مقنع إلى حد كبير، بسبب تباطئهم عن توضيح الأمور بالنسبة للرأى العام.

أيوب قرا ليس الوزير الإسرائيلى الوحيد الذى ردد كلاماً أثار القلق لدى المصريين، «أفيجدور ليبرمان» هو الآخر ألمح لوسائل إعلام إسرائيلية بأن طائرة إسرائيلية بدون طيار قصفت عناصر داعشية فى سيناء، رداً على قصف صاروخى لإيلات ثم أشكول، زعمت إسرائيل أن مصدره سيناء. التصريحات التى خرجت عن دوائر رسمية إسرائيلية حول استهداف مدن إسرائيلية من سيناء مرت أساساً دون رد. وقد تكررت هذه التصريحات مرتين، ولم يخرج أى مسئول مصرى ليعقب على هذا الزعم، ويحدد لنا مدى دقته، أعقب ذلك الكلام الخطير الذى تردد على لسان «ليبرمان» حول قصف الإرهابيين فى سيناء، وهو أيضاً ما فات الرسميون التعليق عليه حتى كتابة هذه السطور. كلام «ليبرمان» -لو صح- يحمل خطورة شديدة، فما معنى أن تدخل إسرائيل وتقصف عناصر داعشية داخل سيناء؟ قد يقول قائل إنها قصفت إرهابيين، وهو كلام صحيح، لكن المصريين جميعهم يؤمنون أن جيشنا قادر على دحر الإرهاب فى سيناء، وأنه ليس بحاجة إلى معونة أحد، حتى يقوم بمهامه التى يعرفها جيداً، ويجيد القيام بها.

فى تقديرى أن «حشر» إسرائيل فى هذا الموضوع كان يستوجب رداً رسمياً، استناداً إلى ما أثاره من تساؤلات وعلامات استفهام لدى الكثيرين. نعم يعلم الجميع أن هناك تنسيقاً ما بين مصر وإسرائيل فيما يتعلق بالتدخل المصرى فى «المنطقة ج» من سيناء التى توجد بها خلايا إرهابية، وقد استقبل المصريون كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى عن وجود 25 ألف جندى مصرى فى سيناء (يناير الماضى) بقدر كبير من الترحيب، لكن هذه مسألة و«زنانات إسرائيل» مسألة أخرى، لذلك أتوقع أن يكون هناك رد رسمى على ثرثرة «ليبرمان» للإعلام الإسرائيلى، قد يأتى متأخراً، ولكن المهم أن يجىء.. نحن فى انتظار ما يجىء.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف