المساء
عزة يحيى
تخريب الصناعة الوطنية
بأي منطق تتعامل الدولة مع صناعة الغزل والنسيج. حتي هذه اللحظة لم تتدخل الحكومة لإنقاذ تلك الصناعة التي تعد واحدة من أعرق الصناعات المصرية كنا نضاهي بإنتاجنا العالم ولكن منذ منتصف التسعينيات بدأت تتوالي المشكلات لتحاصر قلاعنا الصناعية بداية من الاختلالات الهيكلية عقب اعلان الحكومة تحرير تجارة القطن وبعدها ظهرت مشكلة التهريب ومافيا متوحشة تعمل علي ضرب الصناعة في مقتل فالتهريب يعد من أكثر المشاكل التي تسببت في اضعاف الصناعة وطبقا لدراسة قدمتها غرفة الصناعات النسيجية أكدت ان حجم فاتورة التهريب سنويا يصل إلي 100 مليار جنيه 50 ملياراً منها تهريب الملابس والأقمشة التي تدخل بنظام السماح المؤقت دون تحصيل رسوم جمركية للدولة ودون ان يتحمل اصحابها اي اعباء مالية مما اضر بالمنتج الوطني.
يضاف إلي ذلك وجود عوامل اخري مثل نقص المواد الخام وارتفاع اسعار الخامات والضرائب و مستلزمات الانتاج.. كل هذا أدي لاغلاق أكثر من 1500 مصنع وأكثر من 70% من العمالة تم تسريحها!!
المتابع للقطاع يعرف انه يواجه خسائر متتالية طوال الفترة الماضية بلغت 2.3 مليار جنيه العام الماضي علي الرغم من ان هذه الصناعة تأتي في المرتبة الثانية علي مستوي القطاع الصناعي وتصل استثماراتها إلي 50 مليار جنيه ونسبة الايدي العاملة فيها تتجاوز 25%.
حقيقة الأمر ان هذه الخسائر المتلاحقة ليست مفاجأة لأن المتابعين يدركون ان ما تواجهه الشركات كان حتما سيقود إلي هذا الوضع الكارثي وصيحات التحذير والاستغاثة لم تنقطع أو تتوقف من اصحاب المصانع والقائمين عليها خوفا من تلقي مصير ما حدث لصناعات أخري.
حتي المؤتمر الوطني الأول لدعم زراعة القطن والنهوض بصناعة الغزل والنسيج الذي عقد نهاية العام الماضي ودعا لعمل دراسات حول أهم مشاكل القطاع ووضع الحلول العملية والإجراءات الواجب اتخاذها للنهوض بهذه الصناعة علي الرغم من ان خطوات الإصلاح وخطط التطوير وجميع الدراسات والمقترحات والافكار طرحها خبراء الصناعة والاقتصاد بكل وضوح ولكن يبدو ان حكومتنا ادمنت الحديث عن التحديات والمشاكل والأزمات التي تواجهها وفي نفس الوقت نجدها تساهم بفعالية في زيادة حدتها وتفاقمها بانتهاج سياسة البطء في تنفيذ سياسات الاصلاح والانقاذ والغريب والعجيب اننا نعاني من تراجع الاستثمار لعدم تدفق الاستثمارات الأجنبية وعدم تقويض ذلك باستثمارات وطنية بديلة في ظل عدم استقرار سعر الصرف وعدم ازالة المعوقات الادارية فهل نحن حالة ميئوس منها بلغة الطب وهل حكومتنا تريد القضاء علي هذه الصناعة؟!
الإصلاح الاقتصادي لن يكون الا بالعمل والانتاج والحفاظ علي القلاع الصناعية ورفع معدلات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفير فرص العمل.
لكل هذه الاسباب لا ينبغي ان نترك هذا الملف الساخن في دهاليز الحكومة دون تحرك حقيقي فكل الوزراء المعنيين يعرفون كل تفاصيل التدهور ولكن يبدو ان اداء بعض مؤسسات الدولة ومسئوليها لا يرقي إلي مستوي المسئولية ما يدفع الاحساس بالظلم من العاملين إلي مناشدة رئيس الجمهورية التدخل لانقاذ الصناعة والعاملين فيها.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف