المساء
عياد بركات
مدارسنا.. الصفرية!
نريد كلنا كمصريين أن نعود بالتعليم إلي عصره الذهبي في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي.. ولا أظن أن وزير التربية والتعليم الجديد استثناء من ذلك.. بل لعله أول المصريين الذين يصبون إلي تحقيق هذا!
لقد كانت تلك الفترة "ذهبية"! وقد تخرج منها أساتذة أفاضل كالدكتور أحمد زويل ود. مجدي يعقوب وغير ذلك كثيرون ليس هنا مجال حصرهم!
نعرف أيضا أنه ليس من السهولة بمكان العودة إلي تلك الجودة التعليمية التي نتحدث عنها.. فالزمان غير الزمان والناس أيضا غير الناس.. كنا في تلك الفترة تعدادنا حوالي الـ 20 مليون نسمة.. والآن حول الـ 90 مليون نسمة ويزيد! أيامها لم نكن قد مررنا بما يعرف بالفترة الخليجية وما نتج عنها من غربة لرب الأسرة وتفكك ملحوظ للأسرة علي إثر غياب عائلها! إضافة لما جلبته تلك الفترة من عادات انعكست علي سلوك المصريين واتسعت رقعة الأوامر والنواهي السلفية المتزمتة.. وقتها كنا نسمع أم كلثوم وعبدالوهاب وفريد وعبدالحليم والآن نحن نسمع من؟!
وقتها كنا نحافظ علي رقعتنا الزراعية الخضراء التي كانت تحيط بالقاهرة.. الآن تحول الأخضر إلي حزام أصفر يحيط بعاصمتنا الجميلة.
لذلك فإن التعليم ليس نشازا بل جري عليه ما جري لغيره. لقد حكي صديق لي أنه كان يعمل مدرسا لطلاب في مدرسة ريفية.. وكان بعض التلاميذ يأتون بشبشب.. وقد أصبح منهم الآن مشاهير يلبسون علي الموضة!
منذ أيام زار مسئول مدرسة ثانوية ما.. وجد الحضور في كل فصولها 6 طلاب فقط.. يا للهول!! هذا ما نشرته إحدي الصحف.. والحقيقة أن ما نشرته الصحيفة ليس استثناء.. جميع مدارسنا الثانوية الآن لا يوجد بها طالب واحد.. وإذا كان أحد لديه شك في ذلك.. فليخطف معالي الوزير رجله لأقرب مدرسة ثانوية ويري!! وعجبا سوف يري!! سوف يجد الحضور صفرا!
أين الخطأ؟! كيف أصبحت المدرسة طاردة بدلا من كونها جاذبة في السابق؟!
في اعتقادي أن المدرسة.. ومدير المدرسة يتحملان العبء الأكبر في كون المدرسة تحولت إلي طاردة لطلابها.. المدرس أصبح يري في الدروس الخصوصية حقاً مقدساً له.. أيضا أولياء الأمور يتحملون جزءا من المسئولية فهم الذين يدفعون ولا يبالون وصدقوا مقولة أبنائهم لهم: إن المدرسة لا لزوم لها!
وأود أن أشير إلي أن الفساد الذي استشري في المدارس الثانوية بالذات يجب الإحالة بينه وبين وصوله إلي مدارسنا الابتدائية والإعدادية باعتبار أن العملية التعليمية كتفاحة واحدة إذا أصاب العطب بعضها فسوف يصيب باقيها فانتبهوا!!
وضع درجات النشاط المدرسي والطلابي في يد المدرس أحد العوامل المؤدية لانتشار الدروس الخصوصية ويجب نزعها من يد المدرس كخطوة أولي تتبعها خطوات تتمثل في إعادة الاعتبار لحصص النشاط ليس التربية الرياضية فقط بل حصص الموسيقي والتربية الفنية والاهتمام بمعامل العلوم وإجراء التجارب العلمية المعملية.
لابد من عودة الهيبة والاحترام للمدرسة.. وأن يكون المدرس قدوة.. وإذا ارتضي المدرس لنفسه الدروس الخصوصية فلن يكون قدوة أبدا! ليعلن المدرس علي رءوس الأشهاد أنه لن يعطي درسا خصوصيا إلا لطالب ضعيف يوصي بذلك زملاؤه الطلبة.. لا أسرته.. يعلن في الفصل أنه سيعطي الطالب فلاناً درسا لا لأنه من أسرة مقتدرة ولكن لأن تحصيله الدراسي ليس علي ما يرام! أعمال السنة أيضا يجب أن يتخلي عنها المدرس طوعا أو كرها لأنها أحد مغريات الدروس الخصوصية الشيطانية.
أولياء الأمور أيضا عليهم مسئولية كبري في عدم اللجوء للدروس الخصوصية.. إن لم نتضافر ونتعاون جميعا فسوف يسود نمط ونموذج المدارس الثانوية ذات الطلاب الستة.. وهي للأسف نموذج للمدارس الصفرية أي ولا طالب!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف