المساء
محمد غزلان
انهيار مهنة النصب !!
تاريخ النصب في مصر تاريخ طويل وممتع حيث عرف النصابون بالذكاء الخارق والقدرة علي التخطيط لإيقاع الضحية في أسرع وقت ودون إيذاء بدني. عمليات النصب تتم في دقائق معدودة وعندما يحكي الشخص المنصوب عليه لا تستطيع أن تتوقف عن الضحك حيث ان مدارس النصب في مصر عديدة ومتعددة تختلف طبقا للمكان. فالنصاب الذي يعمل في الأرياف غير الذي يعمل في المدن وكما ذكر يتصف النصاب بالذكاء الحاد. إلا أنني لأول مرة أسمع عن نصاب يتم النصب عليه والإيقاع به في أقل من عشر دقائق.
النصاب الذي أقصده هو نصاب جنازة الشيخ عمر عبدالرحمن مفتي الجماعات الإسلامية والذي قدم نفسه علي أنه مندوب رئاسة الجمهورية. خرج مع النعش من مطار القاهرة وسافر وراءه إلي الجمالية في الدقهلية ليقدم عزاء الرئيس السيسي إلي أسرة الشيخ عمر عبدالرحمن وأتباعه ومحبيه.
غباء هذا النصاب أدخله في عش الدبابير دون أن يدري ولأول مرة يسقط نصاب بمثل هذه السهولة والحقيقة انه ذهب برجليه إلي مكان يكتظ نعم بالمشيعين وقادة الجهاد والجماعات الإسلامية وثم هذا التجمع لابد أن يحتفل به رجال الأمن من كافة الرتب. بدءًا من لواء حتي مخبر وإذا في العزاء يعلنون عن وصول مندوب الرئيس لتتحرك عيون رجال الأمن ويبدأون اتصالاتهم ويكتشفون أن الرئيس لم يرسل مندوبا وأن هذا الشخص مجرد نصاب غشيم.
النصاب صدق نفسه والتف الناس حوله وبدأوا في بث شكاويهم وطرح مشكلاتهم لعل وعسي مندوب الرئيس ينقل مباشرة هذه الهموم. بل تقدم شخص إلي النصاب بطلب يرجو فيه المسئولين بإجراء عملية جراحية وإذا بالنصاب يوقع علي الطلب بقلم أحمر ويطالب وزير الصحة بإجراء الجراحة فورا وإبلاغه بما تم.. وما تم أنه بمجرد انتهاء العزاء طلب منه أحد الأشخاص عدم مغادرة البلدة إلا بعد تناول العشاء مع أعيانها وكان هو العشاء الأخير. قبضت عليه الشرطة وحولته إلي النيابة إلا أن السؤال هو لماذا ظهرت هذه النوعية من النصابين الأغبياء الذي ينتحلون صفات غير صفاتهم ويتعاملون مع الناس بشكل أو بآخر. الحقيقة انه في العقود الثلاثة الماضية في حكم مبارك وحاشيته كان لا يتم التعيين في مكان أو وزارة أو الانتقال من وظيفة إلي أخري لا يتم إلا بعد دفع المعلوم واستلام كارت التوصية وكان النصابون وهم من كبار وصغار وأوساط الموظفين يحققون ثروات من جراء تلك العمليات وتحولت الثروات إلي عقارات وسيارات وخلافه. مما شجع البعض إلي دخول عالم النصب حتي ولو كانت إمكانياتهم ضعيفة مثل "أخينا" الذي قبض عليه في عزاء الشيخ. هؤلاء أساءوا إلي مهنة النصب والتي لها تاريخ طويل في مصر المحروسة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف