المصريون
محمود سلطان
فات المعاد على المصالحة! (1/2)
حتى الآن، ليس مفهومًا ما تعنيه "المصالحة" المقترحة.. ما أفهمه أنها تعنى "تسوية" الوضع بين طرفين: السلطة والإخوان!.. والبعض "يراهن" على تلك المصالحة، ويعتبرها مفتاحًا لحل مشاكل مصر الحالية! والسؤال: هل هى فعلاً كذلك.. هل ستحل كل مشاكلنا، بمجرد أن يتصالح الطرفان؟! هل تختصر أزمات مصر الحالية، فى أزمة علاقة الجماعة بنظام حكم الرئيس عبد الفتاح السيسى؟! بمعنى لو جلس السيسى مع محمود عزت، ستصبح مصر فى اليوم التالى نمرًا اقتصاديًا فى شمال أفريقيا؟! ربما كان مفهومًا، أن تكون هذه المصالحة مهمة، فى حينها وفى وقتها.. أى عندما تعطلت الدولة بالكامل، بعد الصدام الدموى العنيف، بخروج الإخوان من السلطة بعصا الدولة الغليظة. الآن.. وفى وسط الأزمات التى تعصف بالدولة، وتهدد وجودها ومستقبلها، بات الكلام عن المصالحة بين الإخوان والسيسى "ترفًا"، وصرف الأنظار بعيدًا عن المصائب الحقيقية؟! ما يبعث على "القرف".. أن حديث المصالحة، ظل على حاله، مستدعيًا ممارسات ستين عامًا مضت، من أرشيف مباريات تبادل ركل الكرة، بين الإخوان والأنظمة التى تعاقبت على الحكم، منذ الإطاحة بآخر ملوك أسرة محمد على. الشعب ـ فى كل مرة ـ لم يكن طرفًا فى هذا الصراع، بل كان ضحية التلاعب به، خلال قعدات تقسيم الكعكة، خلف الأبواب المغلقة وداخل المكاتب السرية. الآن.. الإخوان لم تعد تمثل تهديدًا للسلطة، لأسباب لم تعد خافية على أحد.. والسلطة الحالية، قدمت أسوأ ما عندها من أداء سياسي، وضع البلد كله عند أقصى نقطة من الحافة، أى أن الطرفين فقدا الرهان عليهما: الأولى خرجت ولن تعد.. والثانية أخذت دورها فى الطابور، بأسرع مما كان يتوقع ألد خصومها وأعداؤها.. فما جدوى المصالحة بين قوتين فشلتا فى اجتياز اختبار إدارة الدولة، ويتحملان معا مسئولية حشرها فى هذا النفق المظلم، والأسوأ فى تاريخها كله؟! فى تقديرى أن مصر الآن، لا تبحث عن المصالحة، بهذا الشكل وبهذا المعنى والفحوى.. فهى تمر بظروف قاسية وشديدة البؤس، وهى أكبر بكثير من "محنة" الإخوان، ومن "أزمة" السلطة.. المصالحة بهذا المعنى، ستأخذ هيئة "تدليل" المخطئين .. وإعادتهم إلى استئناف المباراة بذات اللاعبين الأساسيين والاحتياطيين، وبذات الأدوات والخطط وتبادل ركل "الشعب" فيما بينهما. أستطيع أن أقول هنا.. إنه فات الميعاد على المصالحة.. وأنها لم تعد من أولويات المصريين.. فالشعب المصرى الآن لا يعنيه تطيب خواطر الإخوان الجريحة. ولا شد الضمادة على جرح النظام النازف.. الشعب أولوياته فى الوقت الراهن هى إنقاذه من العطش، الجفاف، الجوع، الفقر، المرض، الجهل والقمع.. فلا داعى للضحك على بعضنا ونقول مصالحة بين الإخوان والسلطة. مقال معاد نشره
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف