الأهرام
عزت ابراهيم
النجم ميسى والكواكب السبعة..!
حضر ليونيل ميسى نجم نجوم الكرة العالمية إلى القاهرة للمشاركة فى حدث طبى وتسويق السياحة العلاجية فى مصر، فأطلق حمى لا تتوقف من الانتقادات للأداء العام والخاص فى تسويق السياحة المصرية وغرقت الفضائيات فى إعادة تكرار قضية لا نتوقف عن اجترار أسباب الفشل فيها على مدى سنوات ولم نلتفت إلى أسلوب "الهواة" فى تقديم مصر على الساحة الدولية إلا بعد أن منيت المقاصد السياحية سواء فى الوادى أو على ساحل البحر الأحمر بضربة موجعة فى أعقاب حادث الطائرة الروسية. لفت النجم الرياضى الأبرز عالمياً الأنظار إلى مصر بضع ساعات على موقع "تويتر" و"فيسبوك" ثم تراجع الاهتمام رويدا رويدا وهى مسألة مفهومة ولكنه خلف وراءه حالة من الحسرة على ضياع فرصة تلو الأخرى فى تسويق مصر. المدهش أن الحديث عن الترويج السياحى والاستثمارى هو مثار شجار واختلاف بين جهات رسمية وغير رسمية على مدى عقود دون أن نتعلم "كيف نفعلها؟"! المنولوج الداخلى لا يتوقف عن إلقاء الاتهامات ولا يسمعنا أحد فى المجرة التى نسكنها وربما يعلو صوتنا حتى يصل إلى المجرة الجديدة التى اكتشفها علماء وكالة "ناسا" بعد أكثر من ٢٠ عاما من البحث وراء أول إشارة رصدتها التليسكوبات العملاقة عن نجم صغير يدور حوله ٧ كواكب تشبه ثلاثة منها على الأقل كوكب الأرض. نجحت ناسا فى كشف علمى مبهر يغير من ثوابت معرفتنا عن الكون وأسراره .. ولم نفلح نحن فى مجرد إيجاد طريقة لحل مشكلات لا تحتاج إلى "تليسكوبات" عملاقة بقدر ما تحتاج إلى عقول قادرة على ابتكار الحلول وتغليب روح الجماعة على الفردية المفرطة. قيمة الكشوف العلمية فى الكون الفسيح أنها نتاج عمل جماعى فلا تعرف من هو أول من رصد النجم الجديد ولا أسماء الفريق المعاون. فقط، ينسب النجاح إلى مؤسسة عملاقة لا تعترف إلا بتغليب المعرفة العلمية ولا ينسب أحد نجاحا لنفسه ولا يخرج صوت يغرد بمفرده!

هل فكرنا فى أن نأخذ كيف يفكر العالم فى مستقبل السياحة على محمل أكثر جدية..؟

ربما.. لكن أرقام منظمة السياحة العالمية، على سبيل المثال، تقول إننا نبتعد بمسافة كبيرة عن الطريقة التى يفكر بها العالم فى تلك الصناعة رغم البنية التحتية الجيدة التى تتمتع بها السياحة المصرية. فقد ارتفع عدد السائحين الوافدين على المستوى الدولى بنسبة 4.6٪ فى عام 2015 إلى مليار و184 مليون شخص، فيما توقعت المنظمة العالمية نموا فى عدد السياح ما من بين 3.5٪ و 4.5٪ فى عام 2016. وبحلول عام 2030، تتوقع المنظمة الوصول بالرقم إلى 1.8 مليار سائح يتنقلون بين حدود العالم. فلم تعد السياحة صناعة هينة. فهى تمثل ١٠ ٪ من الناتج الإجمالى على المستوى الدولى وواحد من بين كل ١١ شخصا يعملون بالصناعة. وعوائد السياحة العالمية تفوق تريليون ونصف تريليون دولار. اليوم، حجم صناعة السياحة يساوى أو يفوق حتى صادرات النفط والمنتجات الغذائية والسيارات لتصبح واحدة من اللاعبين الرئيسيين فى التجارة الدولية، وأحد مصادر الدخل الرئيسية للعديد من البلدان النامية. وهذا النمو يسير جنبا إلى جنب مع التنوع المتزايد والمنافسة بين الوجهات السياحية على مستوى قارات العالم. ألا تستدعى كل تلك الأرقام والمؤشرات أن نكف عن لعبة الدوائر المفرغة التى ندمن العيش فيها سنوات وسنوات!

‫------‬

الحديث عن نجوم الكرة يستدعى إلى الذهن قصة أخرى فرضت نفسها على الصحافة العالمية فى الأيام الأخيرة وهى إقالة كلاوديو رانييرى مدرب فريق ليستر سيتى بطل الدورى الإنجليزى فى العام الماضى وصاحب إنجاز غير مسبوق فى أشهر دوريات العالم. تقول التفاصيل أن مالك النادى أقال بشكل مفاجيء المدرب صاحب الإعجاز الكروى بعد أن أصبح الفريق مهددا بالهبوط للدرجة الثانية فى العام الحالى ولم يشفع له ما فعله قبل شهور قليلة بعد أن توصل رجل الأعمال التايلاندى المالك للنادى ومعاونوه أن المدرب لم يعد له سيطرة على "غرفة الإحماء" ولم تعد الخطط التى كسب بها الدورى فى عام ٢٠١٦ تصلح اليوم. لم يكن الإيطالى رانييرى يتوقع الإقالة واعتمد على تطمينات من مالك النادى قبل عشرة أيام من إبعاده بأنه لن يتم التضحية بجهوده رغم سوء النتائج ثم غلبت مصلحة النادى على تاريخ الرجل والتقدير الكبير الذى يحظى به فى مدينة صناعية صغيرة صنع لها مجداً حقيقياً وصارت على كل لسان حول العالم. قصة رانييرى تصلح للقياس عليها فى عالم السياسة، فلم يعد واقع الأوضاع الاقتصادية محليا وعالميا يحتمل التجريب ولا إضاعة الوقت فى التوازنات والمناورات السياسية. العبرة فى ظل قسوة المعايير المعمول بها فى الدول الأكثر تقدماً بحجم الإنجاز وحده ولا يشفع التاريخ كثيراً عندما يتعلق الأمر بالمنافسة على مراكز متقدمة، سواء فى كرة القدم أو السياسة أو الإقتصاد. قال خبراء الكرة والإدارة الحديثة أن مدرب ليستر سيتى السابق قد فشل فى إعادة الفريق إلى التوازن النفسى بعد الفوز بالبطولة ومن ثم سقط الفريق فيما سماه المحللون بـ " السقوط النفسي"، وعلاوة على ماسبق فشل المدرب فى إبرام صفقات ناجحة وتخلى عن نجم كبير دون أن يعوض الفريق ببديل مناسب. يطوى ليسترسيتى مضطرا صفحة المدرب-الأسطورة ويستعد لاستقبال مدرب جديد ربما ينتشل الفريق من ذيل قائمة الدورى الإنجليزي، فيما تمنح قصة رانييرى مادة شهية للحديث عن قدرة السياسيين والرياضيين وغيرهم على الحفاظ على إنجازهم غير منقوص وعن القسوة الشديدة فى التقييم التى تسحب من رصيد الكل فى عالم متقلب لا يرحم!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف