الأهرام
ليلى تكلا
نظم التعليم والدولة الدستورية
القضية الثالثة التى نتناولها بالشرح هى موقف المناهج ونظم التعليم من الدولة المدنية الديمقراطية الدستورية التى اختارها الشعب فى ثورة 30يونيو ونص عليها الدستور. بينت دراسة المناهج أن هناك جماعات اخترقت نظم التعليم وأصبحت المناهج دعوة صريحة للدولة الدينية.المرجعية فى أكثر من 40% من المواد دينية مما يغرس فى العقول نمط التفكير الذى يقوم على المرجعية الدينية ويقود إلى دولة دينية. الأمثلة ليست بالعشرات بل المئات نشير لقليل جداً منها: فى كتاب الصف الثالث الابتدائى موضوع بعنوان «المخترعات الحديثة» يتحدث عن التليفزيـون: المرجعية ( سورة البلد 8: 10) «ألم نجعل له عينين ولساناً وشفتين وهديناه النجدين». دون شرح للأساس العلمى للتليفزيون ولا العلاقة بين الآية والتليفزيون.

مرجعية وسائل المواصلات: الآية «والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق مالا تعلمون». ( سورة النحل الآية: 8) بينما العالم يتحدث عن «القطار الطلقة» الذى يختصر المسافات إلى النصف وسوف تطبقه مصر ومركبة الهواء التى وصلت إليها الإمارات.

التليفون والمرجعية (سورة ق الآية: 18) « ما يلفظ من قولٍ إلا لديه رقيب عتيد»

قالت إحدى الأمهات التى تعرف صحيح الإسلام أن ابنها قال لها إن هذه الآية تعنى أن هناك رقابة على التليفونات!!!

موضوع التغذية الصحية مطلوب أن يحفظ الطالب الحديث الشريف « ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه» كلام رائع لابد أن يصاحبه توضيح بسيط لأسس التغذية السليمة وليس مجرد حفظ النص.

«ما من مسلم يغرس غرساً أو يزرع زرعاً.. فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة..» قالت مدرسة إنها عندما سألت طفل لماذا لا يشارك فى الزرع قال «لأنى قبطى».

أما التدريبات والأنشطة فكلها دينية منها

•تدرب على ترتيل القرآن باستخدام أقراص CD المتوافرة لقراءتها فى طابور الصباح. •اذهب إلى المكتبة وابحث عن الآيات القرآنية أو الأحاديث التى تؤكد قيمة العمل وسجلها لتعرضها على زملائك. •من خلال الإنترنت استعن بمعلمك فى البحث عن أحاديث نبوية تتحدث عن آداب الطريق.•التدريبات فى موضوع طاعة اولى الأمر سؤال: ماذا يحدث لو خالف الحاكم أوامر الله إلى من يحكم؟ الإجابة «الإلتزام هو بالقرآن والسنة» وليس هناك أى إشارة إلى الدساتير والقوانين. هذا الواقع الذى تقوم عليه نظم التعليم لا يعتبر فقط انتهاكاً للدستور الذى لا يوافق على الدولة الدينية ويدعو إلى المساواة والكرامة الإنسانية له عواقب أخرى فهو لا يتفق مع الأسس السليمة للتعليم لا يغرس مبدأ علاقة السببية لعدم وجود علاقة واضحة بين الآية الكريمة وموضوع البحث. الآيات كلمات منزلة لها جلالها لا مجال معها للنقاش والنقد والرأى الآخر، ولا يوجد معها مجال للتفكير وإعمال العقل والإختيار بين بدائل وهو الأمر الذى توفره المرجعية العلمية. ولعل أخطر العواقب أننا نقسم الطلبة إلى قسمين أحدهما كتابه القرآن الكريم والآخر كتابه الإنجيل كل منهما لا يعرف عن الآخر عقيدته ويراه على خطأ نغرس التفرقة والفروق منذ الصغر ثم بعد ذلك نطالبهم بالوحدة والمحبة.

وللكاتب د. رفعت السعيد دراسة واقعية حول إنقسام الطلبة فى المدارس حسب العقيدة الدينية، يصادقون ويلعبون فى أغلب الأحيان من هم من نفس العقيدة حيث يشعرون بالإنتماء والأمان هكذا تحقق المناهج تقسيم المجتمع الذى يهدف إليه أعداء مصر!

ثمة نتيجة أخرى يشير إليها مقال بعنوان: لماذا يشعر الطلبة المسيحيون بالدونية؟ فأسلوب الدراسة كله يقوم على أن المدارس إسلامية ليست «مصرية» تعطى الأفضلية والأولوية للمسلمين دون غيرهم.فى الصف الأول الإعدادى يحفظ جميع الطلبة أن القرآن الكريم منهـج الله فـى الأرض مـن اتبعـه اهتـدى ونجـا ومـن خالفـه ضـل وهـلك.وأن أحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على مسلم.. وماذا إذا أدخل السرور على غير مسلم؟ وعليه أن يحفظ «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إننى من المسلمين» مع أن الرسول أوصى بالمسيحيين أيضاً.

فى سن التاسعة بالصف الثالث الابتدائى جاء فى كتاب التعليم: ما هو وطنك؟ مصر، ما هو دينك؟ الإسلام، ما هو اسم نبيك ؟ محمد.كل هذا يحدث رغم أن الإسلام يعترف بأن المسيحيين مؤمنون بأهل كتاب غير مشركين «إلهنا وإلهكم واحد»... وأنهم أهل مودة ورحمة، وأن الرسول أوصى بالقبط... إلا أن هذه المعانى النبيلة غائبة تماماً فى نظم التعليم.

يصبح السؤال: هل هناك مجال للتوفيق بين اعتبارين: أحدهما قيمة التدين وضرورة تدريس الأديان فى مفهومها الصحيح وهو ما أؤمن به والآخر هو دور المناهج فى دعم الدولة الدستورية التى تقوم على صحيح الأديان ومبادىء المساواة والعدل وسيادة القانون والكرامة؟ الإجابة نعم الآليات والوسائل والإقتراحات متاحة أصبحت ضرورة ملحة لأن القضية ليست دينية لكنها قضية أمن قومى.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف