هناك ما يشبه الاستياء العام من الغياب الفاضح للغة الحوار الصحيحة والمهذبة والموضوعية عند مناقشة القضايا محل الجدل والخلاف على شاشات الفضائيات وصفحات الصحف وربما يزيد من عمق وحدة الاستياء أن الذين ينزلقون إلى لغة هابطة يفترض أنهم من صفوة المجتمع ومن خيرة مثقفيه ممن يعرفون القواعد المتعارف عليها للحوار النظيف حيث الحجة فى مقابل الحجة والفكر فى مقابل الفكر والرأى فى مواجهة الرأى الآخر دون صراخ أو تشنج اعتمادا على سلاسة الأسلوب وقوة المنطق لأن المنطق هو فن استعمال الكلمات وحسن تداولها.
وليست هناك جلسة مجتمعية أو أسرية تخلو هذه الأيام من إبداء عدم الرضا عن تدنى لغة الحوار فى أغلب وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة وبروز وجوه .. نتباهى بقدرتها على احتقار آراء الآخرين واستخدام كلمات ومفردات وعبارات تعكس نظرة استعلاء تجاه المشاهدين والقراء تحت وهم اعتقاد خاطيء بأنهم يملكون وحدهم ينابيع الحكمة وكنوز الثقافة والمعرفة التى تمكنهم من الإفتاء فى كل شيء بدءا من تعويم الجنيه ووصولا إلى سد النهضة!
والحقيقة إنناء إزاء أزمة عدم فهم لأداب الحوار وأيضا عدم فهم لقواعد النشر والبث الموضوعية نتيجة الفهم الخاطيء لمعنى الحرية الذى استبيح لكى يبيح حق إهانة الرموز فى السنوات العجاف الأخيرة وهو ما صنع غرورا زائدا لدى البعض يدفع بهم دائما إلى خطيئة التشبث بالرأى والإصرار على الكذب ولى الحقائق وعدم المرونة فى تقبل الرأى الآخر والاستعلاء على سماع النصح!
وبعيدا عن فزورة البيضة أم الدجاجة أولا أقول إن الخروج من أزمة الغياب الفاضح للغة الحوار وعدم الالتزام بالقواعد المهنية للنشر والبث يبدأ بتجديد وترشيد الرسالة الإعلامية باتجاه تقديم الحقيقة فقط بدلا من استمرار الدق على أوتار الإثارة التى توفر جذبا إعلانيا لكنها تمثل خسارة أخلاقية ومجتمعية يصعب استمرار تحملها… فى مجتمع قد يتغاضى عن أى شيء إلا أن تصبح إهانة الصغار للكبار وتزوير الحقائق وتلفيق الاتهامات فضيلة باسم الحرية المفترى عليها!
خير الكلام:
اللسان المنفلت مثل الحصان الجامح .. كلاهما يمثل عبئا على صاحبة