المصريون
محمد حلمى
صباحك عسل.. (إذ اقسم زميلي بالله أن منشآت العاصمة الجديدة انتهت)
إحساس غاية في الغرابة يتسلل بداخلي شيئا فشيئا.. للسبب الذي اعرضه فيما يلي. أتابع الصحف والفضائيات المؤيدة وهي تنشر وباهتمام شديد آراء الخبراء الاقتصاديين المتشائمة.. من أول الآثار الخطيرة لتعويم الجنيه إلى توقف المشروعات وارتفاع الأسعار ومعاناة الفقراء واستمرار التضخم وخسائر البورصة وتعثر مشروعات الإسكان و و و و...الخ. ثم أراقب الشارع من حولي واكتشف أن الدنيا ماشية.. الناس يرتادون الأسواق ويتوجهون إلى أعمالهم يوميا بالمؤسسات والمصالح الحكومية.. واقرأ عن افتتاحات احتفالية لمشروعات عديدة مهما كانت صغيرة....الخ. باختصار.. تقرأ وتسمع كلام الخبراء فتشعر أن الدنيا عَزّلت والحياة تعقدت وتوشك على التوقف.. ثم تراقب الحياة على أرض الواقع تكتشف أن الدنيا عادي وسالكة ومتحركة وميت فل وعشرة. السؤال..هل يقصد الإعلام بنشر آراء الخبراء المتشائمة درء عين الحسود؟.. أما وإنهم يفكرون بهذه الطريقة (العلمية).. فلماذا لا نقتفي أثر الإبداعات العلمية للمصريين ونعلق الشباشب والصنادل القديمة على واجهات الوزارات والمصالح؟. دعك من كل ما سبق واقرأ معي اغرب ما سمعته على الإطلاق.. صديق عاقل.. زميل صحفي كبير السن.. متزوج ويعول وحياته والحمد لله منضبطة.. دار بيننا نقاش فيما سبق وذكرته أعلاه.. وإذا به يقول يا عم محمد كله تمام.. سألته ازاي؟.. قال لعلمك بقى اللي إنت ماتعرفوش ولا الناس عارفاه إن العاصمة الجديدة خلصت خلاص.. سألته تقصد بخلصت يعنى الدولة صرفت نظر عنها؟.. قال لي لأ.. انتهت مبانيها وواقفة على التشطيب.. ظننته يهزل.. فقلت تقصد تشطيب الألوان على الماكيتات؟.. فصاح في وجهي قائلا إنت بتهرج، اقسم بالله العظيم خلصت منشئات ولم يبق سوى التشطيب. آثرت الصمت. .وسألت كثيرين عن مدى صحة ما ذكره الزميل لاسيما وانه اقسم بالله، فاتخذوني هزوا.. وهنا تذكرت حكاية عم سعد مكاوي وهي قريبة الشبه مما ذكره الزميل. سعد مكاوي كان شيخ السباكين بمدينتنا..اصطحبه رجل من قرية على أطراف المدينة، وطلب منه أن يتوجه معه للقرية ليحدد مقاسات المواسير اللازمة لإدخال المياه لبيته الجديد. وقف عم سعد أمام البيت ودار حوله، وبخبرته قال للرجل المواسير من العمومي إلي أول حنفية خارج المنزل ستكلفك كذا جنيها.. شعر الرجل أن المبلغ كبير، فصاح في عم سعد لييه ياعم ؟ على ايه؟.. ثم اخذ يرسم بيديه خط المواسير المفترض (على الهواء) ويقول المواسير من هنا وهاتلف هنا وهاتيجي لغاية هنا، هو انت هاتعمل حاجة؟. اغتاظ عم سعد فدعا الرجل للاقتراب منه وسأله إنت قلت الماسورة هاتوصل لغاية فين؟ قال الرجل لغاية ماحنا واقفين.. فرفع عم سعد كف يده وحرَّك اصابعه وكأنه يفتح الحنفية ولكن (في الهواء أيضا)، فسأله الرجل إنت بتعمل ايه؟ قال عم سعد بافتح لك الحنفية عشان تغسل إيدك يا راجل يا أهبل..سلامو عليكو. ــ يبدو أن العاصمة الجديدة انتهت بهذه الطريقة بحسب تأكيد زميلي المذكور أعلاه.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف