جلال دويدار
الغيبوبة والتخبط الحكومي في تسعير التأشيرة السياحية!!
ليس من توصيف لقرار رفع رسوم تأشيرة دخول السياح لمصر من ٢٥ دولارا إلي ٦٠ دولارا.. ثم الغاؤه بعد ساعات.. سوي أنه تجسيد للتخبط والغيبوبة الحكومية. ما حدث يؤكد عدم اخضاع القرارات للبحث والدراسة القائمة علي المكسب والخسارة بالنسبة للدولة. الشيء المثير والمؤكد أن هذه الخطوة غير المدروسة اتسمت بسوء التقدير تجاه ما يحقق المنفعة العامة. أنها وللأسف جاءت في وقت تتضافر فيه كل الجهود لانتشال السياحة صناعة الأمل من كبوتها وكارثيتها المستمرة منذ ست سنوات وما اسفرت عنه من تداعيات خطيرة علي الاقتصاد القومي.
هل يمكن ان يكون التفكير وصل الي هذا الحد من الضحالة التي لا تضع في حسابها ما سوف يترتب عليه من تأثيرات سلبية. صدور هذا القرار وفي هذا الوقت بالذات التي بدأت فيه السياحة.. تقول »بسم الله».. إن دل علي شيء فإنه يدل علي أن من كان وراءه لا يقرأ ولا يتابع ما يجري علي مصر أو خارجها.
أنه لا يشعر بخطورة وكارثة الانحسار السياحي ولا يعلم أن كثيرا من الدول المنافسة تستخدم الاعفاء من رسوم تأشيرات الدخول السياحية لجذب وخطف الحركة السياحية. هل يمكن اعتبار أن هدف هذا القرار هو إزالة كل أثر ايجابي للقرار الذي صدر عن المجلس الاعلي للسياحة برئاسة السيسي. ببدء العمل بالتأشيرات الالكترونية.. أم أنه صدر لصالح الدول السياحية المنافسة.
• • •
العقل والمنطق يقول أن تشكيل المجلس الاعلي للسياحة استهدف النهوض بهذه الصناعة في مصر لدعم مسيرتنا الاقتصادية. علي هذا الاساس فإنه كان من المحتم ألا تصدر مثل هذه القرارات ذات التأثير علي النشاط السياحي وتعاقدات الشركات السياحية في مصر والخارج قبل أن يتم عرضها ودراستها ومناقشتها داخل اجتماعات هذا المجلس..
الذي أصدر هذا القرار يجهل أن بدء تسويق البرامج السياحية إلي مصر يبدأ في أكتوبر وبناء عليه تتم التعاقدات. معني صدور هذا القرار إن شركات السياحة لن تقبل بتحمل فروق تعاقداتها وبالتالي فإنه ليس من طريق أمامها سوي تحويل الافواج السياحية إلي دولة أخري لا تتعمد الحاق الخسائر باقتصادياتها. التعليق الطبيعي الذي سمعته بعد صدور قرار الزيادة وقبل الغائه داخل الوسط السياحي تركز في هذه العبارة.. »هوه أحنا حنلاقيها منين ولا منين» هذه العبارة جاءت تعبيراً عن حالة الاحباط التي انتابت كل العاملين في هذا القطاع أو من له صلة بأنشطته المختلفة.. لا جدال أن إلغاء القرار أو تأجيله يستحق الترحيب والشعور بالسعادة وإن كان هناك اعتراض علي تطبيقه بعد شهور. الشيء الطبيعي من جانب من يهمهم صالح هذا البلد أن يتم إتخاذ زيادة قيمة رسوم التأشيرات عندما تكون هناك حالة رواج سياحي إلي درجة التخمة وليس كما هو الحال الآن.
الغريب فيما يتعلق بصدور هذا القرار وقبل تأجيله هو هذا التصريح الذي صدر عن وزير السياحة يحيي راشد والذي قال فيه ان الزيادة قرار دولة ولابد من احترامه.!. في نفس الوقت قال رئيس هيئة تنشيط السياحة ان القرار لن يؤثر علي الحركة السياحية!. هل هذا معقول ان يكون هذا هو موقف المسئولين عن قيادة العمل السياحي تجاه قرار يدمر بداية التعافي السياحي!.
أن ما يحيرني هذه الهمة التي انتابت هذا المسئول الحكومي الذي اتخذ قرار زيادة قيمة التأشيرة السياحية ثم أجل تنفيذه لخمسة شهور. هذا الامر يجعلني اتساءل أين هذه الهمة في تسعير احتياجات الشعب المصري الذي تركته هذه الحكومة فريسة لاستغلال وتوحش التجار والمستوردين والصناع؟؟. هل هذا القرار يدخل في إطار التضامن مع المتآمرين علي السياحة المصرية واقتصادنا القومي؟.
الغريب أن يأتي هذا التخبط الحكومي للاضرار بصناعة السياحة في نفس الوقت الذي أصدر فيه طارق عامر محافظ البنك المركزي قراراً في غاية الاهمية لصالح السياحة. هذا القرار يتضمن توفير ٥ مليارات جنيه من البنوك في شكل قروض ميسرة لمساعدة المنشآت السياحية علي القيام بعمليات الاحلال والتجديد تمشيا مع متطلبات مؤشرات التعافي السياحي. الحقيقة أنني عاجز عن فهم ما تستهدفه هذه القرارات المتناقضة والمتضاربة التي تؤدي إلي استحالة تحديد استراتيجية لدولتنا السنية!!