الجمهورية
فريد إبراهيم
الحرية والمواطنة
مؤتمر الحرية والمواطنة الذي تبدأ أعماله اليوم والذي يعقده الأزهر بالتعاون مع هيئة كبار العلماء يأتي في وقته سواء بالنسبة للوضع العالمي أو الوضع الإسلامي أو الوضع المصري خاصة ان هناك لغطاً يدور حول ما سمي تهجير لأهلنا المسيحيين في سيناء. وإذا كان الخطر في سيناء يقع علي المصريين جميعاً سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين لكن الإرهاب ومن وراءه يعرف كيف يثير فتنة من خلال تركيزه علي فئة معينة وهو أمر يجيده الأعداء الذين يقفون وراء تنظيمات إرهابية ليست قضيتها الإسلام.
وكأن الإسلام يعرف منذ لحظته الأولي هذه القضية التي ستتكرر كثيرا وتستغل من أعداء الحياة المستقرة وأعداء التواصل البشري والتعارف الشعوبي والتنوع الذي يثري الحياة من خلال الاختلاف الإيجابي وليس المرضي يقول تعالي: "ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولايزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم" ويقول: "يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
أقول: كانت آيات القرآن واضحة في تأكيد مهمة الدين في البشر التي هي نشر حرية الاختيار وانقاذ البشر من الاستعباد الفكري قبل الاستعباد الجسدي والاجتماعي لذلك نجد سورة الكافرون من السور التي نزلت في مكة محددة وشديدة المباشرة ومركزة علي حرية الاختيار حيث قالت: "قل يا أيها الكافرون لا أعبد ما تعبدون ولا أنتم عابدون ما أعبد ولا أنا عابد ما عبدتم ولا أنتم عابدون ما أعبد لكم دينكم ولي دين".
ويأتي قوله: "لا إكراه في الدين" بمثابة إعلان عن حرمة إكراه الناس علي اعتقاد ما لا يريدون ويعرف البلاغيون قوة هذا النص اللغوية حيث جاء بلا النافية للجنس فهي تنفي جنس الإكراه أي إكراه وجاءت كلمة إكراه نكرة لتعني الشمول كما جاءت الجملة قصيرة إسمية لا تحتاج إلي شرح أو توضيح فيما يشبه البيان أو الحكم أو القرار الذي يسهل حفظه وادراك مراميه والاحتجاج به.
ومع ذلك يأتي من زمن إلي زمن من يشوش علي هذه الحقائق مدعياً ان الإسلام يمارس الإكراه والاضطهاد بل تسمع ذلك في زمن يواجه فيه المسلمون عنتاً واضطهاداً في كل مكان كما يأتي أيضاً من يركب موجة الدين لتحقيق أهداف ومصالح سياسية فيحول الدين النقي الذي يزرع الحب في القلوب للبشر جميعاً لتنشره في كل مكان إلي آلة للكراهية والقتل ولا أقول ذلك عن الإسلام فقط وإنما كل الأديان التي استغلها البعض في صناعة الكراهية وإشعال الحروب علي مدي التاريخ لذا فإن التذكير بحقيقة الدين وأهدافه التي حملها الرسل إلي البشر جميعاً والتي منها حرية الاعتقاد صارت ضرورة. رغم أن الكارهين للدين لن يفتحوا قلوبهم لسماع هذه الحقائق لانهم أكثر الناس معرفة بها.
فتحية للإمام الأكبر وهيئة كبار العلماء علي هذا المؤتمر.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف