المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. من يحاسب الحكومة؟!
في 19 أكتوبر الماضي وافق مجلس الوزراء علي قرارات اللجنة الوزارية الاقتصادية بترشيد وخفض الإنفاق في جميع الوزارات والمصالح الحكومية والشركات ووحدات الجهاز الإداري للدولة بنسبة تصل إلي 20%.
وأكد قرار اللجنة الوزارية الاقتصادية أن الترشيد سيحدث دون المساس بالأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية.. لكنه يتضمن خفض التمثيل الخارجي في البعثات التابعة للوزارات بنسبة 50%.. والاستفادة من الكوادر الموجودة بوزارة الخارجية في إنجاز أعمال هذه البعثات.. بالإضافة إلي اتخاذ إجراءات حاسمة لترشيد استهلاك الكهرباء والمياه.
تري.. هل يتذكر أحد هذا القرار الوزاري المهم؟! وهل هناك جهاز يتابعه ويحصي ما تم تحقيقه من خطة التقشف هذه علي مدي الشهور الأربعة الماضية.. ما هي أكثر الوزارات التزاماً.. وما حجم التوفير الذي تم؟!
مما يؤسف له أننا قرأنا قرار مجلس الوزراء في حينه.. لكننا لم نسمع عن أية جهة تابعت وحاسبت الحكومة علي مدي التزامها بقرارها.. وأعلنت ذلك علي الشعب بكل شفافية.. ولا أظن أن مجلس النواب قد تذكر هذا القرار في يوم من الأيام.. وأخذه علي محمل الجد والمسئولية وطالب الحكومة ببيانات عما تم إنجازه في هذا الصدد وما لم يتم.. وعن أسباب عدم الالتزام.
لقد تحدثت الحكومة كثيراً عن التقشف.. وألزمت الشعب بإجراءات قاسية تحت شعار "الإصلاح الاقتصادي".. لكنها لم تلزم نفسها بشيء.. اللهم إلا ما جاء في ذلك القرار الفضفاض الذي لم يتابعه أحد.. ولم يحاسب الحكومة عليه أحد.
لكن ـ بالمناسبة ـ كانت هناك إجراءات أخري للتقشف الحكومي أكثر جدوي ونتائجها أسرع.. وأول هذه الإجراءات كان يجب أن يركز علي خفض المرتبات والمكافآت المبالغ فيها.. التي يحصل عليها الوزراء والمحافظون وكبار الموظفين في الدولة بدلاً من أن يطلب رئيس الوزراء في مذكرة إلي مجلس النواب زيادة راتبه ورواتب الوزراء ونوابهم والمحافظين ومعاشاتهم جميعاً.
وقد ذكرت الدكتورة عالية المهدي أستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة ـ علي مسئوليتها ـ أن "هناك مكافآت فضلاً عن الرواتب تصل في إجمالها إلي 100 ألف جنيه شهرياً.. هذه المبالغ كان يجب أن تنخفض إلي الربع إذا كانت الحكومة جادة في قرار ترشيد الإنفاق".
كما يجب أن تفكر الحكومة جدياً في التخلص من جيش المستشارين في الجهاز الإداري للدولة ـ أو تخفيضه ـ وضبط منظومة الحوافز والمكافآت وربطها مباشرة بالإنتاج.
وتجدر الإشارة هنا إلي أن قرار مجلس الوزراء الخاص بترشيد الإنفاق الحكومي والصادر في 19 أكتوبر الماضي ليس الأول من نوعه.. فقد صدر قرار سابق بهذا المعني عام 2001 ـ عام الثورة ـ يحظر علي الوزارات شراء سيارات الدفع الرباعي والجيب.. كما يحظر إنشاء أية أجهزة أو صناديق خاصة أو شراء أجهزة مكتبية أو التعاقد علي شراء أصناف يوجد لها مثيل في المخازن.. ويحظر أيضاً نشر التهاني أو التعازي في المناسبات المختلفة.. وكل ما من شأنه الإعلام عن المسئولين.. كما نص القرار علي الاستفادة من الأصول غير المستغلة وتشجيع الصناعة المحلية وشراء المنتج المحلي وترشيد إنفاق المياه والكهرباء.. لكن الحكومة والحكومات السابقة قبلها لم تلتزم بشيء من ذلك نظراً للظروف الصعبة التي مرت بها البلاد.. وبالطبع لم يكن هناك أحد يحاسب الحكومة.
الوضع الاقتصادي الآن أسوأ مما كان عليه.. وبالتالي يجب أن تلتزم الحكومة بقرارات الترشيد بكل جدية.. خاصة ترشيد الاستيراد وتفعيل التصنيع المحلي والتوقف عن المطالبة بزيادة مرتبات ومعاشات رئيس الوزراء والوزراء والمحافظين.. وأن تكون هناك مراقبة حقيقية ومؤثرة للحكومة في هذا الصدد.. والمراقبة يتبعها محاسبة ومساءلة.. حتي يشعر المواطن أن الدولة راغبة فعلاً في بناء اقتصاد قوي وتوجيه الموارد إلي الجهات الأولي بالرعاية.. خاصة التعليم والصحة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف