الجمهورية
مرعي يونس
قميص عثمان
عاشت المدينة المنورة أياماً وأسابيع من الرعب والخوف بعد أن اقتحمتها شراذم من الجيوش المرابطة في تغور البصرة والكوفة ومصر احتجاجاً علي سياسة الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه وأسلوبه في الحكم كان عثمان أجود من الريح المرسلة مع أهله وعشيرته بعد أن تمكن المتمردون من قتل هذا الخليفة المعطاء. واجه المسلمون مشكلتين احداهما تتصل بالخلافة والثانية تتعلق باقرار النظام وانفاذ أمر الله فيمن قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض.
وقع الثائرون في حيرة.. فهم يعلمون أن أحداً منهم لا يصلح لمنصب الخليفة ثم أن اهواءهم تفرقت واختلفت فهوي أهل مصر مع علي وهوي أهل الكوفة مع الزبير وهوي أهل البصرة مع طلحة ايقن الثائرون أنهم لن يستطيعوا أن يقيموا للناس إماماً فلجأوا إلي أصحاب النبي لاختيار خليفة جديد للمسلمين.
أدار المهاجرون والأنصار رأيهم فمالوا إلي علي ووقع اختيارهم عليه وأيدهم الثائرون في ذلك لم يكن اختيار علي بالأمر السلس السهل اليسير فقد رفض نفر من الناس مبايعة علي منهم سعد بن أبي وقاص وعبدالله بن عمر وكذلك طلحة بن الزبير ولم يكن هذا الرفض في حقيقته سوي ارهاصات فتنة وشيكة هزت الأمة الإسلامية وفرقتها ومازالت تعرفها حتي الآن.
رغم ذلك تمت البيعة لعلي بعد 8 أيام من مقتل عثمان وهنا برزت مشكلة دم الخليفة المقتول.. هل قتل الإمام طالما فلا ثأر ولا قصاص أم قتل مظلوماً ولابد أن يثأر له الإمام الجديد رأي أصحاب النبي من المهاجرين والأنصار أنه قتل مظلوماً ولابد من الثأر. رأي علي نفس الرأي لكنه صور لهم الأمر علي حقيقته فالسلطان قد انتقل إليه بحكم البيعة لكن مازال في أيدي الثائرين بحكم الواقع فهم يحتلون المدينة احتلالاً عسكرياً صارماً. ونزل أصحاب النبي علي رأي علي وآثروا التمهل.
برزت بعد ذلك قضية العمال أو امراء الأنصار وفي هذا الشأن أشار المغيرة بن شعبة أن يقوم علي بتثبيت معاوية علي الشام ليستقيم له الأمر وعارض عبدالله بن عباس ذلك الرأي قائلاً إن ولاية معاوية للشام تضر علياً أكثر مما تنفعه واستمع علي للرأي الثاني ولم يكن علي يستطيع أن يبقي علي عمال عثمان كان دينه يمنعه من ذلك لأنه طالما عاتب عثمان ولامه علي توليه هؤلاء العمال وهنا اتخذ الإمام علي قراره بتولية سهل بن حنيف من الأنصار وذهب بن حنيف إلي الشام فلم يكد يصل إلي حدودها حتي لقيته خيل معاوية واعادته إلي من ارسله واجتمع الناس عند علي: أيريد حرباً أم مسالمة وترقباً؟ كان الإمام يؤثر الصراحة في القول والعمل علي التربص والكيد فأرسل إلي معاوية كتاباً يطلب منه فيه أن يبايع ويأتي إلي المدينة في اشراف أهل الشام ولم يذكر في الكتاب أن يُبقي عليه فلم يجب معاوية وإنما آثر التربص والكيد وانشد أبياتاً تنبئ عن نيته في الرفض والحرب.
وبعد ثلاثة شهور من مقتل عثمان بعث معاوية بكتاب إلي الإمام علي عنوانه من معاوية بن أبي سفيان إلي علي بن أبي طالب فلما فضه لم يجد شيئاً مكتوباً إلا "بسم الله الرحمن الرحيم".
هنا سأل الإمام علي رسول معاوية: ما وراءك؟ فطلب الرسول الأمان ثم أخبره أن أهل الشام صمموا علي الثأر لعثمان ونصبوا قميصه للناس وأخذوا يلتفون حوله وهم يبكون ثم انبأه أن أهل الشام يتهمونه بقتل عثمان ولا يرضون إلا أن يقتلوه.
كلمات باقية
بخ بخ يا ابن الخطاب أصبحت أمير المؤمنين.
عمر بن الخطاب تعبيراً عن استغرابه وزهده في المناصب ومباهج الحياة.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف