علاء عريبى
رؤى .. ترشيد انتداب القضاة
حسناً تفعل الحكومة بإعداد مشروع قانون لترشيد ندب القضاة إلى المؤسسات الحكومية، فقد طالبنا هنا قبل ثورة يناير وبعدها بإلغاء الندب كلياً وجزئياً من باب سد الذرائع، خاصة وأن بعض القضاة كانوا ينتدبون إلى أكثر من جهة، وكان العرف صرف 80% من راتبه.
والمؤسف أن مادة الدستور تسمح بهذا التعدد، فقد أباحت المادة 186 الانتداب الكلى والجزئى للجهات، كما سمحت المادة 88 من قانون مجلس الدولة(47 لسنة 1972) عملية الندب، ولم تتضمن مادة الدستور ولا مادة القانون منعاً لتعدد الانتداب للمستشار الواحد، وهذا يعنى أن هناك من تتعدد انتداباتهم، وتتعدد بالتالى مكافآت الانتداب، والتى تصل إلى 80% مما يتقاضاه فى القضاء، وهنا يصل ما يصرفه المستشار الواحد إلى مبلغ وقدره من الدولة، حيث يصرف أكثر من مرتب حكومي، وهناك الملايين من الشباب والأسر لا تجد وظيفة بخمسمائة جنيه.
بعد قيام ثورة 25 يناير كتبنا وطالبنا بوقف انتداب المستشارين إلى الهيئات، وأضعف الإيمان أن يكون الندب كليا، بمعنى أن ينتقل المستشار من القضاء إلى الوزارة وتنقطع صلته تماماً بجهة عمله الأساسية، وقد أخذت لجنة المائة التى كانت تضع الدستور آنذاك بهذا الاقتراح، ومنعت الندب الجزئى فى دستور 2012، لكن للأسف جاءت لجنة الخمسين بعد ثورة 30 يونيه وأعادت الندب الجزئى والكلى مرة أخرى للدستور.
رغم هذا طالبنا أيامها المهندس محلب رئيس الحكومة آنذاك بأن يحد من هذا الإسراف والسفه الحكومى، وأن يبحث جيداً قضية الانتداب وتعدده، والعمل على ترشيد أموال الدولة التى تهدر على البدلات والانتدابات وغيرها، وأذكر أيضا أننا طالبناه كذلك التفكير فى تأسيس مركز لتدريب العاملين بالشئون القانونية فى الهيئات والوزارات الحكومية على القوانين التى تخص كل وزارة، وأن تقام تدريبات سنوية لهم فى مجلس الدولة لكى نوفر الملايين التى تنفق على الانتداب وتعدد المكافآت.
وقد سمعنا أن مشروع القانون الذى تعده الحكومة للحد من ظاهرة انتداب القضاة، اعتمد على المادتين رقم 186 و239 من الدستور، حيث تنص الأولى على: «عدم جواز ندب القضاة كليًا أو جزئيًا إلا للجهات وفى الأعمال التى يحددها القانون»، وتنص المادة الثانية على أن: «يصدر مجلس النواب قانونًا بتنظيم قواعد ندب القضاة وأعضاء الجهات والهيئات القضائية، بما يضمن إلغاء الندب الكلى والجزئى لغير الجهات القضائية أو اللجان ذات الاختصاص القضائى أو لإدارة شئون العدالة أو الإشراف على الانتخابات، وذلك خلال مدة لا تتجاوز 5 سنوات من تاريخ العمل بالدستور».
أظن أن مشروع هذا القانون، مع أنه يسمح فقط بانتداب القضاة إلى الجهات القضائية، أو اللجان ذات الاختصاص القضائي، أو الجهات القائمة على إدارة شئون العدالة، أو الجهات المشرفة على الانتخابات». فإنه خطوة هامة لترشيد الأموال التى كانت تخصص للمنتدبين من «القضاء العادى، النيابة العامة، مجلس الدولة، المحكمة الدستورية العليا، النيابة الإدارية، وهيئة قضايا الدولة».