عثمان الدلنجاوى
بين ترامب ونتنياهو.. ومارك
في وقت يسعي فيه الشاب الأمريكي مارك زوكر بيرج مؤسس فيس بوك إلي جعله البنية الأساسية الاجتماعية للعالم وما يستتبعه ذلك من احكام السيطرة علي العقول وجني أرباح طائلة.. وبينما تعلن ناسا الأمريكية عن اكتشاف ملامح أكبر كواكب المجموعة الشمسية بعد نشرها صورا دقيقة غير مسبوقة لكوكب المشتري مازالت منطقتنا ملتهبة بالصراعات تتلمس طريقها نحو توفير حياة آدمية للبشر وتندفع مضطرة إلي زيادة الانفاق علي وارداتها من الغذاء والدواء والسلاح.
ارتفاع مبيعات الأسلحة ظاهرة عالمية بلغت ذروتها في السنوات الأخيرة.. تستفيد منها الدول المصدرة للسلاح وفي مقدمتها أمريكا وفرنسا.. لكن ماذا يعني زيادة الطلب علي السلاح في الشرق الأوسط وآسيا بمعدلات جاوزت 60% وإذا كان هذا هو حال دول المنطقة الواقعة في قلب النزاعات والصراعات الاقليمية والتجاذبات الدولية قبل وصول ترامب إلي الحكم.. فكيف سيكون حالها والأفق ملبد بغيوم ونذر تشي باحتمالات أكثر تعقيدا وايلاما.. فالادارة الأمريكية الجديدة تعلن استعدادها للتخلي عن حل الدولتين في سياق الصراع العربي - الإسرائيلي وبهذا لا تخفي انحيازها وتحولها من راع غير محايد لما بعملية السلام إلي شريك للقائم بالاحتلال يسوق ما تطرحه حكومة اليمين المتطرف في إسرائيل.
دلائل هذا التحول عديدة ليس اخطرها ما قاله ترامب صراحة بأن حل الدولتين ليس شرطا ولا هو السبيل الوحيد من أجل السلام بل ذهب الرجل إلي ما هو أبعد من ذلك حين ندد بتدابير الأمم المتحدة تجاه إسرائيل واصافا إياها بـ "الظالمة" وأحادية الجانب داعيا الفلسطينيين للتخلص من الكراهية تجاه الإسرائيليين الأمر الذي اثار تخوفات الأوروبيين من تداعيات سياسات أمريكية غير مدروسة ومتسرعة حيال المنطقة العربية وقضاياها سياسات قد تؤدي إلي اندلاع العنف واشعال مزيد من الصراعات والكوارث خصوصا بعد تصريحات نتنياهو ردا علي سؤال حل الدولتين حيث قال ان هناك شرطين مسبقين للسلام الأول يجب علي الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة والثاني وجوب احتفاظ إسرائيل بالسيطرة الأمنية علي المنطقة الكاملة الواقعة غرب نهر الأردن في اطار أي اتفاق للسلام.. فهل هذا تمهيد لتصفية القضية المركزية للعرب واعلان وفاة حل الدولتين.. وما سيناريوهات المستقبل التي تتبناها الادارة الأمريكية الجديدة بالتوافق مع الإسرائيليين وهل العرب في وضع يمكنهم من التفاوض العادل وما حقيقة السلام الذي نحن مقبلون عليه وهل يعلن القادة العرب في قمتهم المرتقبة في الأردن قبل نهاية مارس الجاري خطتهم للسلام وتمسكهم بحدود 1967 واتفاقية أوسلو والقرارات الدولية المتعلقة بالاستيطان وحقوق الشعب الفلسطيني وهل يأخذون ما دار في لقاء ترامب - نتنياهو مأخذ الجد حتي لا تفاجأ بانتكاسات جديدة تجعل ما كان ممكنا اليوم صعبا وربما مستحيلا في الغد.. هل تعيد قمة الأردن التأكيد علي التمسك بالثوابت العربية والاصرار علي انطلاق أي تسوية مستقبلية مع الكيان الإسرائيلي من المبادرة العربية التي اطلقها خادم الحرمين الشريفين الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز ولقيت قبولا عربيا ودوليا؟!
النفوذ الايراني وحتي التركي خطر يجب مواجهته بقوة لكن ذلك لا يمنع ان هناك ما هو اخطر إذا بقي العرب في دائرة الفعل وتقررت مصائرهم خارج حدودهم وصار حليفا من كان عدوا إلي وقت غير بعيد.