الجمهورية
المستشار محمد محمد خليل
خواطر مصري .. الإعلام والإسلام
الإعلام في العصر الحديث أخطر الأسلحة التي تستخدمها الدول والجماعات أصحاب توجهات أو أفكار مختلفة يشكل عقل الناس ويوجههم ويتحكم في تكوين معتقداتهم أو ميولهم. سواء في النواحي السياسية أو الفكرية بصفة عامة. وفي أذواقهم وميولهم وسلوكهم.
من يملك الإعلام ورجاله يملك عقول كثير من الناس وقلوبهم وصدق جوبلز وزير الاعلام في عصر هتلر إذ قال "اعطني ميكروفوناً وكتاباً وأنا أغزو العالم" ايماناً منه بأهمية الإعلام وقال اعطني إعلاماً فاسداً أعطيك شعباً بلا ضمير. وقديماً قال أهلنا: "الزن علي الودان أمر من السحر" فضلاً عن أن كثيراً من الدهماء وغيرهم لا يفكرون بعقولهم. وإنما يفكرون بآذانهم وكان التجار اليهود في مصر يسيرون علي مبدأ: إذا كانت بضاعتك قيمتها ألف جنيه. فاصنع لها دعاية بعشرة آلاف حتي يدور رأس المال في الشهر الواحد عشرات المرات بدعاية بدلاً من يدور مرة في الشهر من غير دعاية أو إعلان.
ولأهمية الإعلام كان الإعلام سباقاً إلي استخدامه كبلاغ إلي الناس. فكان أول عمل قام به الرسول صلي الله عليه وسلم. هو الوقوف علي مكان عال يدعو القرشيين بأسماء قبائلهم ليستمعوا إليه متخذاً سؤالاً لتنبيه الناس إلي ما سوف يقوله: - قال: - لو أني أخبرتكم ان خيلاً وراء هذا الجبل أكنتم بمصدقي قالوا نعم ثم دخل إلي شرح. ما يريد من دعوتهم إلي الإسلام. منبهاً إلي ان الداعية أو المبلغ أو الإعلامي لابد ان يكون صادقاً ذا سمعة طيبة بين أهله ومجتمعه. لا يكذب. ولا يخون ولا يستهين بمهنته وحديثه صدق دائماً.
يستمر الرسول صلي الله عليه وسلم في تبليغ الدعوة الإسلامية بالوسائل الاعلامية المتاحة في ذلك الزمان.. تقابل مع زوار مكة والتجار القادمين إليها من مختلف القبائل وذهب إلي الطائف ليسمع سكانه دعوة الإسلام لعبادة الله الواحد الأحد.
وفي تطور الإعلام بالدعوة وبعد ان استقر الأمر للرسول صلي الله عليه وسلم وللمسلمين. أرسل رسله إلي المناطق المحيطة بالمدينة وشبه الجزيرة العربية حاملين كتباً بها دعوته للدخول في الدين الجديد.
كانت الخطب والأحاديث التي كان يلقيها سيدنا محمد عملاً إعلامياً لتعريف المسلمين بدينهم وترسيخ مبادئه في نفوسهم كما كانت خطبة الجمعة والعيدين وخطبة الحج عملاً إعلامياً يتناسب مع ظروف العصر ومقتضيتاته ولكنها تظل دائمة حتي الآن - بل ان الاذان عند حلول أوقات الصلاة هو إعلام بالتجمع لاعطاء العهد إلي الله جل وعلا بالاستمرار في طاعته والانخراط في الجماعة المسلمة. فإذا قضيت الصلاة انتشر المسلمون في الأرض لاعمارها استكمالاً لعبادة الواحد الأحد الذي لا تكتمل له الطاعة والعبادة إلا بإعمار الأرض ونشر الحق والعدل والمساواة بين البشر في الحقوق والواجبات.
هذه صور إعلامية اتخذها الإسلام وتتناسب مع ظروف عصرها وامكانيات اللحظة الراهنة واشارة إلي ان ما يقدمه العقل البشري من وسائل حديثة لتطوير الإعلام هو واجب علي المسلمين استخدامه سواء كانت صوراً مرئية أو أحاديث إذاعية أو مقالات مكتوبة أو أعمالا فنية مفيدة وراقية كلها تستخدم في بناء المجتمع ما دام الصدق هو الأساس والاصلاح هو المبتغي وتحضر الشعوب وتقدمها ورقيها هو عماد العمل الاعلامي ومن ثم فإن الإعلام الصادق صناعة إسلامية.. إعلام نظيف لا يكذب أهله. ولا يضلل شعبه.
ليت إعلامنا في العصر الحديث نافع مفيد لاقامة حياة كريمة متعاونة. متكافئة. قوامها الخير للبشرية وهو ما هتف به سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم: - خير الناس أنفعهم للناس مشيراً بذلك إلي ان المسلم الحق هو ما ينفع البشرية كلها دون النظر إلي طبقتهم أو جنسهم أو حتي دينهم.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف