المساء
مؤمن الهباء
شهادة .. السياسة في حفل الأوسكار
قالوا له بكل صراحة ووضوح أنت غبي وجاهل وعنصري وكذاب وتفتقد إلي مؤهلات قيادة الدولة.. قالوها له في المظاهرات والمسيرات وعلي صفحات الجرائد وشاشات التليفزيون ومنصات القضاء.. قالوها له من خلال المواطن العادي والصحفي والإعلامي والقاضي والفنانين والفنانات الذين هاجموه بالاسم.. ورفضوا تلبية دعوته للمشاركة في حفل تنصيبه.
لم يحظ رئيس بهذا القدر من الرفض والاحتقار من قبل مواطنيه كما حظي الرئيس دونالد ترامب.. لا تكاد تمر مناسبة كبري علي الأمريكيين من دون أن يشتبكوا مع رئيسهم المثير للجدل.. ليذكروه بأنه منبوذ.. كائن جاء من خارج التاريخ والجغرافيا.. يتناقض تماما مع قيم ومسلمات الشعب الأمريكي.
وفي حفل الأوسكار - الأحد الماضي - الذي يمثل أكبر مهرجان عالمي لأكبر جوائز السينما كانت هناك رسائل سياسية لاذعة موجهة إلي ترامب.. بعضها مباشر وبعضها الآخر غير مباشر.. لعله يفهم ويراجع خطابه الشعبوي المنفلت.. ربما يستطيع إعادة صياغة نفسه وتقديم شخصية ترامب كرجل دولة.
رسائل الأوسكار المباشرة قدمها مذيع الحفل جيمي كيميل في خطابه الافتتاحي متهما الرئيس بتوسيع الانقسام في المشهد السياسي داخل الولايات المتحدة وفي العالم.. حيث قال كيميل إن هذا الحفل يتابعة ملايين الناس حول العالم ومن 225 دولة تكرهنا الآن.. مضيفا: "الوطن أصبح مقسما.. وقد أخبرني الناس أن علي أن أقول شيئا من أجل توحيد البلاد مع أنني لست الرجل المخول لذلك".
وتعجب كيميل من استحواذ فكرة "الأخبار المفبركة" علي ذهن الرئيس طوال الوقت.. وانتقد جهله قائلا: "كان من الرائع أن يكون لدينا رئيس يؤمن بالعلوم والفنون".
ثم وجه إشادة متعمدة إلي نجمة السينما ميريل ستريب التي كانت قد دخلت في معركة كلامية من قبل مع ترامب.. ودعاها كيميل إلي الوقوف وانحني لها احتراما وسط تصفيق حاد من جمهور الحاضرين.. ثم ألمح - ساخرا - إلي المواجهات المتكررة بين ترامب ووسائل الإعلام والصحافة.
من ناحية أخري نقلت بعض الصحف عن نقاد سينمائيين كبار أن الجوائز التي ذهبت إلي أفلام السود وسوريا وإيران في حفل الأوسكار هذا العام كانت رسالة غير مباشرة للرد علي عنصرية ترامب والتأكيد علي الانفتاح الأمريكي.
فقد فاز فيلم "مون لايت" بجائزة أوسكار أحسن فيلم.. وهو ينتمي إلي سينما السود كما يطلق عليها في هوليوود.. ومعظم أبطاله من أصحاب البشرة السمراء.. وفسر البعض فوز هذا الفيلم بالجائزة بدلا من فيلم "لا لا لاند" الذي توقع كثيرون فوزه بأنه رسالة من أعضاء الأكاديمية التي حرصت هذا العام علي التنوع في ترشيحاتها كي تعكس نبذها للعنصرية والتمييز علي أساس اللون.
وفاز الممثل ماهر شالا علي - 42 عاما - بجائزة أفضل ممثل مساعد عن الفيلم نفسه "مون لايت".. وهو أول ممثل مسلم يفوز بالأوسكار.. وقد أعلن انه لا يشعر بالصدمة إزاء التمييز العنصري.. فقد اعتاد عليه ليس فقط لأنه أسود ولكن أيضا لأنه مسلم.
وحصد المصور السوري خالد خطيب جائزة أفضل فيلم وثائقي قصير عن فيلمه "الخوذ البيضاء" الذي يحكي معاناة أعضاء الدفاع المدني في سوريا الذين يرتدون الخوذ البيضاء ويساعدون المدنيين أثناء القصف.. ولم يتمكن خطيب من حضور حفل الأوسكار بسبب قرار ترامب بحظر مواطني 7 دول إسلامية من دخول أمريكا.. ومنها سوريا.. وتسلم الجائزة نيابة عنه منتجة الفيلم ومخرجه.
أما المخرج الإيراني أصغر فرهادي فقد أعلن مقاطعة الحفل بسبب قرار ترامب.. ولم يتسلم جائزة أفضل فيلم ناطق بلغة أجنبية عن فيلمه "البائع" وقال في رسالة اعتذاره عن الحضور إنه فخور بفوز فيلمه لكن الموقف من قرار حظر المسلمين أكثر فخرا بالنسبة له.. مؤكدا أن سياسة "نحن وهم" التي تتبعها الإدارة الأمريكية تعزز الخوف والفرقة بين دول وشعوب العالم.
السؤال الآن: هل استوعب ترامب هذه الرسائل وأدرك مغزاها؟!

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف