الأهرام
محمد أمين المصرى
كلمات .. حوارمع سائق تاكسى
قادتنى المصادفة الأسبوع الماضى كى أستقل “تاكسي”، ولكن تأخرى عن الموعد الذى ضربته مع الأصدقاء هو الذى دفعنى لركوب التاكسى حتى أصل فى موعد اللقاء المتفق عليه، خاصة وأن جلساتنا تراجعت بشدة بسبب الظروف المختلفة لكل منا..نسيت أقول إن بهاتفى المحمول تطبيقين للتوصيل السريع، ولكنى لم التفت إليهما بسبب استعجالي، وياليتنى ما استعجلت.

المهم، وقف التاكسى وسألنى السائق عن وجهتي، وطلبت منه تشغيل العداد – هذا الأمر ضرورى بالنسبة لى – ثم ركبت، وكانت رحلتى تلك من أصعب تجاربى مع التاكسيات، فما إن وطأت قدماى داخل السيارة، حتى باغتنى السائق الذى عرفنى بنفسه ــ حنفي ــ بسرد حكايات كثيرة، أقلها كفيلة بأن تجعلنى أذهب لكوبرى قصر النيل وأكرر مشاهد القفز الشهيرة فى الأفلام المصرية، ووقتها لن أتمنى أن ينقذنى أحد من هول ما سمعته من عم حنفي.

مشوارى فى الأحوال العادية لا يستغرق سوى نصف ساعة تقريبا، ولكن الارتباك المرورى وقتها زاد من مشكلتي، ومر الوقت كالدهر، وشعرت بأن الدنيا سوداء، حتى أننى طلبت منه السكوت وكفى ما حكاه لى من مصائب ومعاناة وهموم، ثم قلت له :«حرام عليك سودت الدنيا فى وشي»، فرد على ساخرا :«وهى كانت بيضا يعني.. إنت مش شايفها زيى ولا إيه».

ولم تمر سوى دقيقة صمت حتى استأنف السائق حديثه الذى يكفى أن يصيب قوما بطاقة سلبية، فطلبت منه الوقوف فى مكانه لكى أنزل وأنقذ نفسى منه ومن حكاياته، فوافق على مضض، ولم أهتم بالنظر الى العداد لمعرفة الأجرة، فما كان يهمنى هو الهروب منه، فأى جحيم آخر سيكون أهون عندى من عم حنفي.

وما أن أفقت من كابوسى حتى شغلت تطبيق التوصيل السريع، لأستقل سيارة نظيفة يقودها شاب مهندم تبدو على ملامحه الرقي، وكان يستمع لمحطة القرآن الكريم، فشعرت بطمأنينة وراحة نفسية عوضتنى عن رحلتى السابقة، ثم وجدتنى أساله عن كل ما سرده لى عم حنفى من روايات مفجعة، فجاءت إجابته بردا وسلاما على قلبى قبل عقلي، وقال لي:«الحمد لله فى نعمة»، فشكرته على حمده الخالق عز وجل، ثم وجدتنى أحدث نفسي: ربنا يفرجها على عم حنفي.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف