الوطن
رشا الشامى
حدد موقفك.. خلينى أصنفك
إنت لازم تحدد موقفك، إنت معانا ولا ضدنا؟

السؤال الأكثر طرحاً على كل من كان له رأى يخالف أحياناً وجهة نظر الدولة المصرية، أو ينتقد أداء الحكومات أو يعلق على قرار للرئيس منذ نجاح ثورة ٣٠ يونيو.

دائماً ما يعقب السؤال جملة: «يجب أن نحدد موقفنا منك، نحن فى ظروف عصيبة لا تحتمل أن يختلف معنا أحد».

ولا بأس إن تم التلويح بانتمائك لمعسكر المنتفعين ممن يعارضون ابتغاء قرب أو تحقيق مصلحة، رغم ثبوت نزاهتك ووضوح نظافة يدك علك تراجع أو تتراجع، وفيما سبق قلت لهؤلاء:

- فى أول سنوات الشباب التى تُعرف بالمراهقة، هناك نفر لم يغرموا بعبدالحليم حافظ ولم يتبعوا سنن عمرو دياب، إنما قدروا الموهبة وسعدوا بما تميز من أعمالهما وبقيت أعينهم مفتوحة وعقولهم يقظة تبارك نجاحاتهما وتعلق على كبواتهما، وكل من عبدالحليم وعمرو دياب وأمثالهما استمعوا لهم، فظلوا وعاشوا وغلبت نجاحاتهم على كبواتهم، فحققوا نصراً وحفروا اسماً لن يمحوه الزمن.

- رغم الشعبية الجارفة التى تحيط الرئيس، ومئات الأقلام وآلة الإعلام التى تقف خلفه تفرد مساحات مهمة لتحركاته وأخباره لا يمكن أن يحبط المصريين ويُعكر مزاجهم بعض الأقلام أو الأصوات التى لا تجيد المباركة والتى يدفعها خوفها الحقيقى لمحاولات للاجتهاد والتفكير.

- يعانى المصريون من طوفان الأخبار الكاذبة أحياناً والمضللة أحياناً أخرى غير البرامج المخلة والتى لا تتراجع رغم توجيهات الرئيس بالاهتمام بالإعلام الهادف ودوره فى خلق الوعى الوطنى وعلى الرغم من أن سوء حال الإعلام أساسه سيطرة غير الأكفاء على المهنة واستغلال الصغار غير المدربين فإنك لن تجد موقفاً من أصحاب المعسكر الواحد لا داعماً للصغار لوقف استغلالهم ولا مواجهاً لسيطرة الجهلاء أو متجاهلاً ومبعداً.

- من عاش بضمير حر ويد نظيفة وقلب مستريح، فلن يتراجع عن تقديم الوطن وحبه عن تقدير الحكام وتقديسهم لأنه احترف الزهد والترفع ومهما كانت محاولات تشويه نقائه سيظل ثابتاً لأنه لا يملك غير ثبات قلبه وقلمه، ولو أن نظاماً ذكياً راقب هؤلاء لضمهم إلى معسكره محتملاً آراءهم وانتقاداتهم، فكلمة واحدة تخرج عنهم هى أفعل من مئات الصفحات التى يسطرها زملاء انضموا لمعسكر الموالين معطلين مهنتهم، حتى أصبح يختلط عن الناس إن كانوا أصحاب رأى وصحافة، أم جزء من تشريفة تسير ضمن موكب الرئيس.

أعطت الدولة أولوية لإصلاح الإعلام وحصرت الإصلاح فى أن يكون موالياً دون أى شطط، وعلى الرغم أن الإعلام كغيره من قطاعات الدولة طالته الفوضى، فإن طريق الإصلاح لن يبدأ إلا بكفل حقوق العاملين ورعاية مواهبهم وحمايتهم من سيطرة أصحاب المصالح والمحاسبة لمن يُخل بمتطلبات وأصول وشرف المهنة.

وبمرور اليوم العالمى لحرية الصحافة، أستطيع أن أقول إنه لا شىء على الإطلاق لصالح المهنة يحدث، يبقى الشعب ضحية للتلفيق والكذب، فيزداد عزوفه ويقاطع من لا يصدقهم، فالصحافة الحرة والإعلام الحر هما من ينحاز للناس وللعدالة وللوطن فيصدقهما الناس، والصحافة الُموجهة تنحاز للنظام وتكتب عنه ولا تؤثر ولا يصدقها أحد، ولن يكون هناك حُر لا يتقاضى مرتبه الشهرى ويساوم ويهدد بتسريحه دون حفظ حقه.

لا تزال الدولة بمؤسساتها تصر على أنها تبلى بلاء حسناً، وأنها تحقق خطوات فارقة نحو الإصلاح ومحاربة الفساد والقضاء على الإرهاب بينما يدرك الشعب ما أصابه من وهن ومرض وتعصب وتدنٍ وقبح لذلك آمل فى الشعب ولا أتوقع إفاقة قريبة للمؤسسات، يريد الشعب أن تصبح حياته أسهل وأجمل، لا أن يقرأ عن حياة وإنجازات لا يعيشها وتتوقع منه أن يصدق، ويسكت.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف