الأخبار
أمال عثمان
حلم اليونسكو بين الانقسام العربي والجشع الغربي 2
من حقنا أن نحلم ونصارع من أجل الوصول إلي هدفنا المشروع، ومن الإنصاف أن تصل إلي هذا المنصب الدولي شخصية عربية تعي المآسي والأوجاع التي تعيشها الشعوب المطحونة، وأن تحصل المنطقة العربية علي حقها مثل المجموعات الخمس الأخري التي تناوبت علي رئاسة منظمة تمثل ضمير العالم، ومن العدل أن يأتي المدير الحادي عشر لمنظمة اليونسكو من دول العالم الثالث، تلك الدول التي تمثل شعوبها السواد الأعظم في العالم، ويعاني أبناؤها الأهوال ويحرمون من التعليم والثقافة والمعرفة، دول تبخس نساؤها وتنتهك كرامتهن ويبعن في المزادات، وتدمر الحروب والمؤامرات تراثها وتمحو تاريخها وآثارها!
إن الشغف والشره الغربي حض إيطاليا -أكبر مساهم في ميزانية اليونسكو الطوعية-لدخول المنافسة علي رئاسة اليونسكو، وترشيح السياسي الوسيم »فرانشيسكو روتيللي»‬ وزير الثقافة والسياحة والآثار الأسبق، الذي شغل منصب نائب رئيس وزراء، السياسي المدلل الذي حصل علي كل ما أراده، والبرجوازي الذي يترأس الجمعية الأهلية »‬لقاء الحضارات» للحفاظ علي العمارة والتراث، وتربطه علاقة قوية برئيس الوزراء الحالي »‬باولو جينتيلوني»، المتحدث الرسمي باسم »‬روتيللي» حين كان عمدة روما.
كما تبحث فرنسا الدفع بمرشحة قوية لدخول حلبة الصراع، وهي السياسية »‬نجاة بلقاسم» وزيرة التعليم والبحث في حكومة فرانسوا أولاند، والتي تولت حقيبة حقوق المرأة، وكانت الناطقة الرسمية باسم حكومة جان مارك، وهي فرنسية يهودية من أصول مغربية، هاجرت إلي فرنسا وانخرطت في العمل السياسي والحزبي.
لم يكتف الغرب بحصول 7 شخصيات غربية من بين 10 علي هذا المنصب خلال عمر المنظمة، ولم يتوقف الشغف والولع الغربي بالهيمنة علي المنظمات الدولية الكبري وتهميش الدول النامية، والتربص بالمساعي العربية الدؤوبة لإجهاض الحلم العربي، والحيلولة بيننا وبين مؤسسة تمثل ضمير العالم نحن أولي بها الآن بحق، ولكن تصاعدت وطأة الصراع، إلي الدرجة التي دفعت سفير لبنان - رئيس المجموعة العربية باليونسكو - إلي إرسال خطاب لجميع وفود الدول الأعضاء يؤكد فيه علي التمسك بمبدأ التدوير، وأحقية المجموعة العربية في الحصول علي المنصب في هذه الانتخابات، لكنه للأسف لم يجد ردود فعل لهذا الخطاب!!
ولا أغالي إذا قلت إن انضمام مرشحين ذوي ثقل قوي من إيطاليا وفرنسا للمعركة الانتخابية بجانب مرشح فيتنام، وتوقع دخول دول أخري يراودها الشغف والتكالب علي الترشح، يجعل مهمة وصول المرشحين الأربعة العرب لرئاسة اليونسكو في غاية الصعوبة، ويضعف فرص الدول العربية التي تفتقر للتنسيق والتوحد والتجمع علي كلمة سواء، ويضاعف من حالة الانقسام والتشرذم العربي التي تصل بنا دائما إلي محطة الفشل.
إنني أتفهم الموقف الغربي، والضغوط الأمريكية الإسرائيلية لمنع وصول مرشح عربي لأهم ثاني منصب دولي، وأدرك مخاوف اللوبي الصهيوني من وصول شخصية عربية إلي مقعد رئاسة منظمة تمثل القوة الناعمة في العالم، وتدفع بقضايا التعليم والثقافة والعلم والمعرفة، وما يمكن أن يحققه هذا المنصب في مواجهة ما يتعرض له الإسلام من حملات تشويه وإساءة، وما يعاني منه التراث العربي من تدمير وتشويه ومحو للهوية، لكنني حقا لا أجد مبررا لعدم الاصطفاف خلف مرشح عربي واحد، وإيجاد آلية للتوافق علي صاحب الحظ الأوفر، والفوز بهذا المنصب دون شراء الأصوات بالأموال، ولا أجد ذرائع أو حججا لتلك الصراعات السياسية الدائرة بين دول تجمعها مظلة عربية واحدة، ومنظمات تتحدث لغة واحدة، ولديها أحلام وأوجاع وأهداف مشتركة.. ولكن هذا هو قدرنا، فنحن العرب اتفقنا علي ألا نتفق!!
وللحديث بقية..
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف