المصريون
محمد الواحي
الشوق إلى السراب
(كيف تترشح لأكبر منظمة ثقافية في العالم دولة لا تتوافق سياستها الداخلية مع أهداف هذه المنظمة؟ إنكم في مصر تسجنون الكتّاب والمثقفين على أفكارهم وأعمالهم الأدبية، فكيف تتوقعون الوصول إلى موقع المدير العام لليونسكو؟). ليست هذه الاستنكارية من وحى خيالي ولكن وجهها مذيع قناة (فرانسس 24) للأديب المصري محمد سلماوى قبل أيام معدودة إبان زيارته إلى باريس. تلك الأسئلة ليست من بنات أفكار المذيع فحسب، ولكن يتوقع أن تدور في أذهان كثيرين في شتى بقاع العالم. فالقاهرة لم تحسب الحسابات بدقة قبل دخول انتخابات منظمة اليونسكو، ولا ندري ماذا ستجنى من وراء تبوء ذلك المنصب الدولي رفيع المستوى؟ فعلى سبيل المثال لا الحصر هل أفادت مصر أو استفادت من تولى عضوية مجلس الأمن الدولي كممثل للقارة الإفريقية طيلة الشهور المنصرمة؟! تقتضى الحنكة السياسية الاحتفاظ بما في اليد من مناصب وامتيازات دولية قبل التطلع إلى الاستزادة منها، فمقر الاتحاد الإفريقي لكرة السلة ما لبث أن انتقل مؤخرًا من القاهرة إلى أبيدجان بـ (ساحل العاج) مثيرًا سخطًا كبيرًا في الأوساط المصرية بحسبانه سحبًا من المكانة الدولية السياسية والرياضية لمصر. وإذا كنا أخفقنا أمام ساحل العاج ذات التاريخ المتواضع رياضيًا فكيف ننافس إيطاليا ذات الباع الطويل ثقافيًا إذ رشحت مؤخرًا وزير الثقافة الأسبق في انتخابات اليونسكو لينافس نظيرته المصرية السفيرة مشيرة خطاب. فإيطاليا أعدت العدة منذ زمن بعيد وباتت أكثر الدول المانحة لليونسكو، فضلاً عن عضويتها في المجلس التنفيذي للمنظمة الدولية علاوة على افتتاح مقر للمنظمة في مدينة (البندقية) الإيطالية، فماذا عن مصر وما الذى قدمته للثقافة العالمية سواء من خلال اليونسكو أو في منأى عنها؟! فمصر كرّست جهودها لمحاربة الإرهاب وتجاهلت (القوى الناعمة) فطال الركود في المسرح والدراما والأدب والآثار وفى نهاية المطاف نرنو إلى قيادة اليونسكو وهو ما يذكرنا برغبة نظام مبارك باستضافة كأس العالم لكرة القدم 2010م. وكانت النتيجة فاضحة إذ حصلنا وقتئذ على (صفر) من الأصوات في واقعة لا يمكن نسيانها ما حيينا. مبررات الخسارة جاهزة ومحفوظة وتم تعديلها جيدًا لتخرج عقب الخسارة المتوقعة نهاية العام الجاري فمصر مستهدفة والجميع يتآمر عليها، والعرب ممنوعون من دخول اليونسكو بأوامر صهيوأمريكية.. وهلم مبررات سيقت من قبل لتبرير هزيمتنا في انتخابات اليونسكو 2009، والتي خاضها السيد فاروق حسنى وزير الثقافة، إبان عهد مبارك، وقد وثقت الأستاذة الصحفية فتحية الدخاخنى في مؤلفها الجديد المنشور مؤخرًا بعنوان "فاروق حسنى وأسرار معركة اليونسكو" تلك المؤامرات التي قامت بها واشنطن (حليفة مبارك) لإفشال السيد فاروق حسنى. ورغم كل ما سبق تنفق الأموال الطائلة في الدعاية والإعلان والتنقلات سعيًا للحصول على سراب لطالما ركضنا نحوه ظنا منا أنه ماء حتى إذا جئناه لم نجده شيئًا.
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف