محمود سلطان
أسئلة تطير البرج من العقل !
مبارك بريء من قتل ثوار يناير!!.. هكذا قضت أعلى سلطة قضائية!.. حسنًا!!.. فمن ـ إذن ـ الذى قتل المتظاهرين؟!. فى مصر، يُقتل المئات فى الشوارع والميادين، ثم يفلت الجناة من العقاب!!.. أقول: من قُتلوا تجاوزوا الألفين قتيل على الأقل.. والقتلة يرفلون فى نعيم الحرية.. وربما ينعمون بدفء المال والجمال والنفوذ!!. هذه واحدة من أغرب ما يمكن أن يحدث فى أى مكان من العالم.. أضف إلى ذلك، أن الجناة يختفون تمامًا، فى كل الجرائم التى تتسم بالبعد السياسي!. حتى الآن لا أحد يعرف من هم قتلة الشباب فى شارع محمد محمود, ولا من قتل الأقباط أمام ماسبيرو.. ولا من هم الذين ارتكبوا مجزرة القصر الجمهوري، وما تلاها من مجازر أمام المنصة، ورابعة والنهضة ورمسيس ومسجد الفتح؟!. مذابح مروعة.. ارتكبت بأريحية، تعكس نزعة استعلاء "وقحة" تحتقر هذا الشعب ولا تعبأ بحرمة حياته ودمه.. لم يجرؤ عليها، من تعاقبوا على احتلال البلد ولا حتى العدو الصهيونى ذاته. فى "دنشواي" أعدم الإنجليز أربعة فلاحين مصريين، ولا زالت توصف فى كتب التاريخ المصرى بـ"مذبحة دنشواي"!!.. واحتقر المصريون كل من شارك فى هذه "المذبحة"!!. إعدام 4 فلاحين وصف بـ"المذبحة"، فما عسانا نصف قتل الآلاف بدم بارد.. وما هو العقل الذى بوسعه أن يقبل بأن القتلة فى كل مرة "مجهولون"؟ّ!.. ولماذا يفلتوا فى قضايا القتل على الهوية السياسية تحديدًا؟! يوجد بالتأكيد قتلة ومجرمون ارتكبوا كل هذه المذابح.. ولكن من هم؟!.. وأين هم؟!.. ومن يحميهم؟! وما هى هويتهم السياسية أو الجهوية؟!.. وإلى متى سيظلون بمنأى عن الملاحقة والاختفاء.. وإلى متى ستتم حمايتهم!. أسئلة كثيرة تطير البرج من العقل كما يقولون.. إذ يبقى عدم وجود متهم واحد، فى كل هذه المذابح، يظل ضربًا من ضروب الخيال، الذى قد يفضى إلى الجنون.. وقد يتطور إلى تعزيز نزعات العنف والخروج المسلح، وتنامى الاعتقاد بأن الدولة غائبة.. والحقوق تؤخذ الذراع وليس بالقانون ومنصات الفصل فى القضايا. ولماذا يحاكم مبارك على قتل ثوار يناير.. فيما لا يحاكم مسئول واحد، فى كل المذابح التى ارتكبت بعد تنحيته وسقوطه؟!. هذا الملف لا يمكن طيه.. وإذا استطاع "الخائفون" منه طيه الآن، فإن الأيام دول، ومن يحمى الآن، قد يفقد كل أدوات نفوذه غدًا.. فضلاً عن أن قضايا حقوق الإنسان، من القضايا التى لا تسقط بالتقادم، وتتماس مع مجتمع أهلى وحقوقى دولى شديد الصلابة، يدرج كل هذه الملفات فى أرشيفه وفى ذاكرته.. ويستدعيه، عندما تنضج الشروط .. ويبقى المجرمون بلا ظهير ولا حماية.