وضعت القوانين في العالم كله لتطبق علي الجميع.. لكننا في مصر وضعت القوانين لتطبق علي الضعيف.. و"اللي ملوش ضهر" ولذلك سادت الفوضي والصراعات بين طبقات وصنوف المجتمع.. وأصبحت أشهر عبارة "انت عارف بتكلم مين؟"
كلنا قدس الأقداس.. لا أحد يقبل النقد.. ليس هناك من يتسامح مع من يكشف عيوبه.. نحب جدا كلمات المديح ونكره جدا عبارات النقد حتي لو كان النقد ايجابيا.
كل طبقات المجتمع ومؤسسات الدولة تري ان لها حصانة وانها فوق مستوي النقد.. البرلمان يري انه قدس الأقداس.. الصحافة تعتقد انها قدس الأقداس.. القضاء يظن أنه قدس الأقداس.. الجيش يؤمن انه قدس الأقداس.. الشرطة تثق انها قدس الأقداس.. باختصار كل الهيئات ومؤسسات الدولة تري انها قدس الأقداس يجب ان نتوضأ قبل أن نصافحها ونخلع الأحذية عندما نطلب الحديث معها.. وبذلك لا يبقي الا المواطن البسيط و"اللي ملوش ضهر" الذي نخلع الأحذية لنضربه بها.
الأصل والدستور والمنطق والعقل يقول ان الجميع سواسية وان الرأي الآخر الطريق لتصحيح الأخطاء وتقويم المسيرة.. لكننا تربينا علي الصوت الواحد والرأي الواحد وعبادة الفرد لذلك نكره النقد ولا نقبل ان يكشف أحد عيوبنا ونريد للجميع أن يصفق لنا وأن ينحني احتراما لكل كلمة نرددها وان يصبح خادما لأوامرنا لأنه يجب ان يعرف "هو بيكلم مين".
معركة رئيس البرلمان مع جريدة الأهرام تكشف بوضوح حالة التربص السائدة بين مؤسسات الدولة وطبقات المجتمع.. وان هناك استنفاراً واستعداداً لسفك الدماء مع أول شرارة انتقاد أو كلمة ادانة.
حتي طريقة التصالح في هذه المعركة تكشف أيضا ان الكل خاسر وان الناس تكره البرلمان وتكره الاعلام وتري ان كل طرف يقول للآخر "انت عارف بتكلم مين".
الاستعلاء علي مؤسسات الدولة الأخري ومحاولة اسكات الصوت المعارض.. والسعي لنيل حصانة وهمية علي حساب الآخرين.. وسن الأسلحة أمام أي معترض أو معارض هو الباب الملكي للديكتاتورية وتراكم الأخطاء واخفاء العيوب وغياب الاصلاح.
أرجوكم لنهدأ جميعا ونحتكم الي العقل وندرك ان الوطن عنده مشاكل أكبر.. وان المواطن البسيط يعاني الأمرين وان مصر في مفترق طرق وأمامها معارك طاحنة.. لذلك لا داعي لخوض معارك جانبية تافهة سببها الوحيد "انت عارف بتكلم مين؟".