تغيرت مع الأيام معاني الكلمات والأسماء. وتحولت من المألوف والمعتاد إلي ما يدعو للخجل. ويخدش الحياء. ولا بأس أن نمضي معاً في جولة مع قواميس اللغة العربية لتقصي الحقيقة. ومعرفة أصول الأشياء ليطمئن أهل هذه القري أن هذه الأسماء ليس في أصولها ما يدعو للقبح أو الازدراء. والكلمة الأخيرة تعني الاحتقار أو عدم الاحترام.
في فبراير الماضي "2017م" كلف اللواء السيد نصر محافظ كفر الشيخ. الأمين العام المساعد للمحافظة ورئيس مدينة ومركز مطوبس بالتشاور مع أهالي قرية "قواد" لاختيار اسم جديد للقرية. لما يحمله من دلالات سلبية. وسأل لماذا لا يكون الاسم مناسباً مثل البطل أو السلام أو نحوها وطلب المحافظ حصر أسماء القري المشابهة لتغيير أسمائها.
تقول القواميس. ومفردها قاموس ومعناه المحيط أو البحر الكبير:
ــ قواد. بفتح القاف. جمع قادية. وهي الجماعة الصغيرة. قليلة العدد. التي تفد علي مكان للإقامة. أو إنسان للضيافة وربما كانت هذه القرية في البداية مجموعة تجمعات صغيرة. اجتمعت فيما بعد في قرية واحدة.
ــ قائد قواد: ماهر في القيادة.
وقواد بضم القاف: جمع قائد.
أما الكلمة السلبية المتداولة في هذه الأيام "التي تعني وسيط الفاحشة بين الساقطات والمنحرفين" فهي كلمة "مولدة" أي غير أصيلة في اللغة العربية. جاءت بالقياس للفعل "القيادة" في الكلمة الأصلية.
ولم يرد لهذه الكلمة ذكر في القواميس الكبري ومنها لسان العرب. وظهرت في القواميس الحديثة كنوع من الاعتراف بواقع الحال. والفرق كبير بين هذه وتلك.
مما دعا أهل اللغة لاستخدام مصدر مختلف للدلالة علي الفعل الشائن هو "القوادة" بدلاً من القيادة.. وهو اجتهاد مقبول ومعقول.
ــ القود : هو قيادة الخيل والإبل وغيرها من الزمام أو اللجام. والقود ضد السوق. الأولي تعني القيادة من الأمام. والأخري: القيادة من الخلف بالعصا أو السوط أو الصوت. والقائد في المعني الأصلي هو رئيس فريق العمل أو الجند أو الرياضة أو الموسيقي وغيرها.
والقود تعني أيضا: الخيل. والأرض المستطيلة والبارز من الجبال. والقواد حيوان يعيش في الغابات الاستوائية كريه الرائحة. سييء السلوك. جبان. يخشي المواجهة.
وللكلمة معان مختلفة في اللهجات العربية. المحلية منها: الواشي أو الغمام أو الفضولي "الحشري" ويطلق هذا الوصف علي كل من له علاقة بهذا العمل المشين. من أصحاب تلك المجلات وغيرهم ويمتد عند البعض إلي أصحاب المجلات والقنوات التي تسير في نفس الاتجاه.
وكان بعض الحكام يتخذ أشخاصاً من هذا النوع لمساعدتهم علي غيهم وانحرافهم.
***
وفي أكتوبر 2016 قرر اللواء أحمد ضيف صقر محافظ الغربية تغيير اسم قرية ميت البز إلي ميت النور بعد أن استشعرت مواطنة منها الحرج عندما سألها عن اسم قريتها خلال مؤتمر شعبي.
والرأي الراجح أنها في الأصل بفتح الباء. وتعني الملابس والقماش. خاصة المصنوع من الكتان أو القطن وتشتهر قرية شبرا ملكان مركز المحلة الكبري غربية بإنتاج الملابس. كما تشتهر سلامون القماش مركز المنصورة ــ دقهلية بإنتاج الأقمشة ويطلقون عليها اليابان الصغري.
والبزَّة: تعني البدلة. والهيئة. والشارة ورجل جسن البزة: جميل المظهر.
وجاء اللبس والحرج من نطق الاسم الآن علي خلاف الحقيقة.
وكلمة ميت تعني الميناء "تحريف لكلمة منية" وقيل الطريق غزل والبزاز: صانع الملابس أو بائعها.
والبزازة: بكسر الباء حرفته وصنعته وكان إمام الحديث مسلم بن الحجاج 206 ــ 261هـ "صاحب الصحيح" يعمل بزازاً وكان للإمام أبوحنيفة النعمان 80 ــ 150هـ محلاً لبيع الخز "الحرير" بالكوفة. ورثه عن والده. أوصي عامله ببيع ثوب معيب بثمن أقل. لكنه باع الأثواب كلها جملة بثمن واحد ناسياً. فتصدق الإمام بثمنها جميعاً.
والبز بالكسر فارسية تعني الثدي أو حلمته في الدواب. ومنها الماعز. ويطلق علي نوع من العنب. حبته مستطلة أو اسطوانية. وربما كانت القرية مشهورة بزراعته الآن. أو فيما مضي وفي معظم الأحوال يختار أهل القري والمدن أسماء تشير إلي المعاني الجميلة والقيم العالية مثل الكرم والشرف ورفعة الأمل والعلم ويتحدث رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن قري ذات أسماء تخالف هذا الاتجاه.
منها الخرقانية مركز القناطر الخيرية ــ قليوبية. يحمل البعض هذا الاسم أكثر مما يحتمل. وردت في الخطط التوقيعية لعلي مبارك 1823 ــ 1893 باسم الخاقانية. وبنوخاقان قبيلة عربية والخاقان لقب حكام الترك والتتار. ويعني الملك العظيم. والعظمة لله وحده عز وجل.
قال أحد أبناء القرية إن اسمها تغير بعد أن أصاب عطب سفينة نقل أحد حكام أسرة محمد علي باشا أمام القرية وفي الذكر الحكيم في قصة العبد الصالح "الخفر" مع موسي عليهما السلام. "فانطلقا حتي إذا ركبا في السفينة خرقها قال أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً امرا" "الكهف 71".
ولا بأس من تغيير أسماء القري والمدن أو الشوارع إذا كان فيها ما يدعو إلي الخجل أو يخدش الحياء.