المساء
خيرية البشلاوى
الفاروق عمر
ما أحوجنا إلي القدوة وإلي من يشحن نفوسنا بزاد معنوي وإنساني وأخلاقي.. وإلي من يعيد ثقتنا في المسلمين وليس الإسلام كدين.. التاريخ الدموي للمسلمين امتد إلي حاضرهم.. ويتجسد يوميا في شكل مذابح واغتيالات والناس غارقون في الخرافة والوهم. يعيشون أساطير لا أول لها ولا آخر يرويها حواة هذا العصر ممن أطلقوا لحاهم وكفرونا.. نشاهدهم ونتابع جرائمهم التي يبثونها عبر الوسائل الحديثة.
ما أحوجنا فعلا إلي القدوة ومن هو أكثر من الفاروق عمر رضي الله عنه. بما اشتهر به من عدل وشهامة وقوة وورع وتواضع. من أكثر منه نموذجا للنبل وتجسيدا للعدل وللقيم الإنسانية التي نحتاجها الآن في سنوات القحط المعنوي والجفاف الإنساني والجوع إلي جوهر الدين وليس مظاهره الشكلية.
ما أحوجنا إلي "القدوة" وإلي "الوسيلة" أو الوسائل التي تحملها إلي داخل كل بيت من بيوت المسلمين وغير المسلمين والحمد لله أن "الكفرة" من العلماء في الغرب المسيحي ابتكروا لنا أدوات التواصل والانتشار السريع واخترعوا منذ مايزيد علي قرن من الزمان لغة الصورة واستخدموها علي مدي تاريخ هذا الاختراع "الصور المتحركة" في خدمة مضامين دينية تخدم رسالة المسيح عيسي بن مريم وتروج لقصص التوراة والإنجيل ولمن وظفوها للدنيا وقد تجاوزوا "المتاريس" التي يضعها رجال الدين الذين حرموا ظهور الأنبياء وتجسيدهم علي الشاشة ومن ثم خرجت عشرات الأفلام الكبيرة التي تتكيء علي الكتب المقدسة من دون أن يواجه صناعها اعتراض المؤسسات الدينية علي النحو الذي يعوق إنتاج هذه الأفلام أو المسلسلات.
ومنذ فترة والجدل يحتدم حول ظهور الأنبياء والمبشرين بالجنة علي شاشات السينما والتليفزيون في حين يستطيع أي مستخدم للانترنت مشاهدتهم من خلال "اليوتيوب" فهذا الوسيط يستخدمه الإرهابيون المتأسلمون أيضا في بث شرائطهم التي تصور "الإسلام" دينا دمويا يدين به "متوحشون".
وتاريخ المتوحشين المسلمين طويل يدنس الإسلام "كدين" ويجعل الغرب المسيحي "يثبت" صورة المسلم كإرهابي ولديه الدليل الدامغ القاطع في التاريخ بصرف النظر عن تاريخهم الغارق في الدم أيضا.
المفارقة التعيسة جدا أن انهار الدم من الدواعش الذين يرسمون قسمات الصورة الأخيرة في صفحات تاريخ المسلمين يزداد عددهم. ومعظمهم إن لم يكن كلهم من الشباب اليافع يأتون من كل بلاد المسلمين وغير المسلمين.
والمفارقة الصعبة التي تحتاج إلي تسليط الضوء أننا في الألفية الثالثة نعاني كمسلمين من نسبة قاتلة من الأمية والجهل ومن ثم نحتاج بشدة إلي لغة الصورة الحية الفاعلة المؤثرة التي تعيد للناس وعيهم بجوهر دينهم وتزرع قيم التدين الحقيقي وليس السلوك الشكلي للتدين.. وتترجم بقوة وشجاعة صور "العدل" ومكارم الأخلاق ومعني الرحمة والصلاح.
نحن في حاجة إلي محو صور الجهل بصور حية صادقة للأنبياء والعلماء ورسل النور. وإلي محو الخرافة وأشكال التأفيق والتزييف التي يمارسها بعض الدعاة باسم الدين الإسلامي.
ونحن البعيدون عن منابع المعرفة الحقة للدين في احتياج حقيقي لمن نأنس لعلمه وعمله وسيرة حياته ودوره الحقيقي في تثبيت دعائم الإسلام كدين سماوي ولنصرة الإسلام نفسه وليس لذبحه وانتهاك جوهره وآدمية اتباعه وإقصاء إناثة وتوظيفه للسياسة ولإرساء صور الاستبداد والظلم بدعاوي الخلافة تحت راية الدين.
ففي عصر الانتشار وبغض النظر عن "المتاريس" الأيديولوجية لن يفلح المنع ولن يكون بمقدور أحد مهما كان أن يحارب قوانين التطور وأدواته الكاسحة!
تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف