محمد جبريل
ع البحري المفاوضات ليست حلاً وحيداً
وصف المحللون فترة رئاسة أوباما للولايات المتحدة بأنها من أشد الفترات مناصرة ودعماً للكيان الصهيوني ولأن كل الشواهد تفضح انحياز الرئيس ترامب وأركان حكمه الواضح لإسرائيل ضد الحق العربي فإن الأسئلة تتعدد عن الصفة التي سيوصم بها الرئيس الحالي.
لقد توالت وعود ترامب المنحازة لإسرائيل من قبل أن يصبح رئيساً للولايات المتحدة وهي الوعود التي أعلن ـ بعد فوزه ـ أنه سيحرص علي تطبيقها: تحويل المستوطنات إلي جزء من الدولة الصهيونية. الموافقة علي حل الدولة الواحدة ـ العبريةـ بدلاً من حل الدولتين الذي أيده المجتمع الدولي. السماح ببناء المزيد من المستوطنات التي تظل خالية في انتظار جلب المزيد من المهاجرين إلي الأرض الفلسطينية المحتلة.
عبر ترامب ـ فور دخوله البيت الأبيض ـ عن استيائه الشديد من تصويت وفد بلاده في الأمم المتحدة لصالح قرار مجلس الأمن بإدانة عمليات الاستيطان في الضفة الغربية وأكد أن المفاوضات هي السبيل الوحيد لحل القضية الفلسطينية.
والحق أن خيار العودة إلي المفاوضات بلا نهج محدد. يعني دوران الساقية بلا انتهاء. المفاوضات يعقبها مفاوضات. من خلال حرص إسرائيلي علي كسب الوقت. وهو ما تحقق لصالح الكيان الصهيوني في كل المفاوضات السابقة.
قد تكون المفاوضات طريقاً إلي الحل. وسيلة إلي المعني الكلي. لكن الوقوف عندها واجترارها باعتبارها هدفاً نهائياً أقرب إلي التصرف العبثي. فهو يضع كل شيء في يد "الآخر" يحصل علي الأرض والسيادة والسلم بينما يقتصر ما نفعله علي رفض أفعال الاستيطان. نرفق تصرفنا بإيقاف المفاوضات. كوسيلة ضغط لا تؤثر ـ في الواقع ـ علي مخططات العدو في قضم المزيد من الأراضي وفرض أبشع صور الاستيطان علي المواطنين الفلسطينيين سواء المقيمون فيما قبل 1948 أو مواطنو الضفة الغربية أو مواطنو قطاع غزة حتي أعضاء الكنيست من العرب يخضعون للابتزازات وقرارات الفصل حين يختلط عليهم الأمر فيتصورون ديمقراطية اللعبة!
من واجب القيادة الفلسطينية أن تراجع المشهد السياسي زمانياً ومكانياً من قبل أوسلو وبعدها كيف كانت الصورة وكيف انتهت اعترفت القيادة الفلسطينية بدولة إسرائيل مقابلاً لحل الدولتين لكن المفاوضات تجمدت بدعوي الضغط وغاب مهندس التطبيع ياسر عبدربه عن الصورة تماماً وعمليات إنشاء المستوطنات الجديدة قائمة والغارات علي غزة وقائع ألفها أبناؤه والرئاسة الأمريكية الجديدة تدين رئاسة أوباما لاعتراضها علي الاستيطان. في حين أنها دعمت الكيان الصهيوني بما لم يحصل عليه في عهود سابقة.
المفاوضات ليست حلاً وحيداً. بل هي حل من حلول المفاوضات جزء من استراتيجية تراعي امكانات الواقع وتعني بتصورات المستقبل.
القبول بالمفاوضات دون اللجوء إلي حلول أخري ـ ومنها الضغط الدولي ـ يعني بقاء الأوضاع في فلسطين المحتلة علي ما هي عليه. قضم مستمر للأراضي الفلسطينية. واتساع استيطاني يلغي امكانات الحل.