جلال دويدار
ماذا عن مباحثات .. السيسي - ميركل؟
لا تقتصر أهمية زيارة المستشارة الألمانية »ميركل» لمصر ومباحثاتها مع الرئيس عبدالفتاح السيسي علي مجرد المصالح المشتركة للبلدين اللذين تربطهما علاقات تقليدية وتاريخية علي مدي عقود طويلة.. ولكن يضاف إليها وبشكل أساسي عائد النفوذ الذي تتمتع به الدولة الألمانية داخل الاتحاد الاوروبي سياسيا واقتصاديا. هذه القيمة المتعاظمة لهذه الزيارة سوف تمثل دعما لمسيرة مصر لإنهاء الكثير من مشاكلها خاصة في مجالي الاقتصاد والتنمية وتطوير المنظومة التعليمية.
في المجال الاقتصادي فقد كانت مصر تتلقي من ألمانيا حوالي ٢٥٠ مليون يورو سنويا كمساهمة في إقامة مشروعات إلي جانب تمويل بعض مستلزمات الانتاج المختلفة. هذه المساعدات كانت قد بدأت حتي قبل انشاء الاتحاد الاوروبي. إضافة إلي ما كانت تدفعه ألمانيا فإن الاتحاد الاوروبي كان يقوم أيضا وبتشجيع ألماني بتمويل العديد من المشروعات التي تحتاجها المسيرة التنموية في مصر.
وفي إطار التطور الإيجابي في السنتين الاخيرتين والتي تم تتويجها بزيارة الرئيس السيسي لبرلين ومباحثاته مع ميركل والمسئولين الألمان.. فإنه كان متوقعا أن تكون هناك نقلة نوعية جديدة في هذه العلاقات الاقتصادية . يشمل هذا التحرك علي هذا الطريق المزيد من التشجيع للسياح الألمان لزيارة مصر والعودة مرة أخري إلي مقاصدنا الشاطئية المحببة إليهم إلي جانب شغفهم وحبهم لآثار الحضارة المصرية.
أما فيما يتعلق بمتطلبات التنمية في مصر فإن ألمانيا ابدت حسن نيتها في هذا المجال بمساندتها لمشروعات إقامة محطات توليد الكهرباء التي تولت إنشاءها شركة »سيمنس» الألمانية الشهيرة. هذه المشروعات سوف يترتب علي اقامتها إنهاء تام لمشكلة الاحتياجات الكهربائية .
تقديرا لأهمية هذه المساهمة في توفير متطلبات الطاقة في مصر فقد تضمن برنامج زيارتها مشاركة الرئيس السيسي في افتتاح أحدها والذي اقيم في منطقة البرلس. من ناحية أخري فإنه ومن خلال الوفد الصناعي والاقتصادي المرافق للمستشارة فإنه قد تم بحث مشاركة الشركات الألمانية في تنمية المنطقة الصناعية والتجارية في قناة السويس. يضاف إلي ذلك الاستفادة من إمكانات ألمانيا وخبراتها الواسعة لحل مشاكل توقف الكثير من المصانع عن الانتاج.
إذا انتقلنا بعد ذلك إلي الجانب السياسي فالشيء المؤكد أن هناك تطويرا في هذه العلاقات بالعودة بها إلي طبيعتها. هذه العلاقات شهدت فتورا وانكسارا وانعكس علي كل المجالات كرد فعل علي عزل الشعب المصري لرئيس جماعة الإرهاب الإخواني. لم يكن الموقف السلبي لألمانيا تجاه مصر بعد التخلص من الحكم الإخواني نابعا عن حب وتأييد لهذه الجماعة وإنما جاء استجابة لضغوط امريكا ممثلة في »أوباما» الذي فرض علي مصر هذا الحكم بالتآمر والتدخل وتوجيه العملاء
اعتقد وبعد انتهاء فترة حكم »أوباما» و تولي »ترامب» المسئولية في الولايات المتحدة فإن هذا العامل الذي كان يؤثر علي توجهات ألمانيا السياسية أصبح في خبر كان وهو ما يعني التأثير الايجابي لصالح تنمية العلاقات بين البلدين. وفي مجال هذه العلاقات ايضا يحظي الدور النشط الذي تقوم به مصر في التصدي لعمليات الهجرة غير الشرعية اهتمام وتقدير ألمانيا بشكل خاص ودول الاتحاد الاوروبي. علي هذا الاساس كان طبيعيا أن تكون هذه القضية ضمن جدول الأعمال.
انطلاقا مما توليه ألمانيا لهذه المشكلة من اهتمام بالغ فإنه سوف تكون هناك خطوات من جانب الاتحاد الاوروبي لمساعدة الجهود المصرية في تفعيل اجراءات الحد من هذه الظاهرة وهو ما سبق أن أشرت إليه في مقال سابق. وعلي اتصال بهذه القضية كان طبيعيا أن يؤكد الرئيس السيسي في محادثاته علي أن مصر تستضيف ما يزيد علي خمسة ملايين لاجئ رغم ظروفها الاقتصادية منهم مئات الالاف من سوريا والعراق .
وفي مجال التعليم أرجو أن تكون المباحثات قد تناولت تقديم الدعم والمساندة لمشروع التعليم الفني الذي كان قد بدأه الرئيس الأسبق مبارك مع المستشار الألماني الاسبق كول ويحمل اسم مبارك - كول. التقدم علي هذا الطريق في غاية الاهمية اذا ما كنا حقا جادين وفاعلين في تطوير منظومة التعليم الفني في مصر باعتبارها اساس أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي.
في هذا الشأن فإنه لا يخفي علي أحد ممن علي دراية بمسيرات التقدم في ألمانيا وكل دول العالم بأن محورها يعتمد بشكل أساسي علي ما يتم تطبيقه والأخذ به في مجال التعليم الفني والتقني. هدف هذه النوعية من التعليم تخريج عمالة فنية مؤهلة تستجيب لمتطلبات سوق العمل المحلي والخارجي. من المؤكد انه ولو سارت الأمور بصورة طبيعية بشأن العلاقات المصرية الألمانية فإننا ولا جدال نكون قد حققنا شيئا ايجابيا وجادا لهذا الوطن.