المصريون
محمود سلطان
ماذا يحدث في العريش؟!
منذ أكثر من شهر، استغرب نشطاء وصحفيون سيناويون، من قيام مجموعات مسلحة، بالتجول في شوارع مدينة العريش، وحطموا كاميرات المراقبة التي ثبتتها الأجهزة الأمنية في شوارع المدينة. ومنذ أسبوعين، تساءل النشطاء والصحفيون السيناويون: أين الدولة؟!، بعدما انتشرت مجددًا جماعات مسلحة في المدينة، وقيامها بتحطيم كاميرات المراقبة المثبتة على ناصية المحال التجارية. مساء يوم أمس الأول الأحد 5/3/2017، وبحسب وكالات أنباء دولية، استعرض مسلحون مجهولون قوتهم، بعدد من شوارع مدينة العريش. ونقلت "الأناضول" عمن وصفته "مصدرًا أمنيًا" قوله إن "مسلحين ـ لم يحدد عددهم ـ ملثمين مرتدين زياً عسكرياً وحاملين أسلحة خفيفة وثقيلة، قاموا بمسيرة مترجلة من ميدان (الفالح) بشارع أسيوط إلى ميدان (الفواخرية) بمدينة العريش، ومرددين هتافات "الله أكبر.. الله أكبر". وبحسب المصدر "قام المسلحون بعمل كمين، لتفتيش السيارات بميدان (الفواخرية)، كما اختطفوا مدنياً في نهاية العرض الذي استمر لنحو 20 دقيقة، مساء الأحد". وأشار المصدر إلى أن "قوات الشرطة نشرت مجنزرات (مدرعات) أمنية بميدان (الفواخرية) والشوارع المؤدية له بعد اختفاء المسلحين". هذه الأخبار تأتي على خلفية "هجرات جماعية" لأسر مسيحية، من العريش وسيناء، تستقبلهم السلطات بـ"تقنين" الهجرة.. وتسكينهم في شقق بديلة ومراكز إيواء في مدن القناة والقاهرة والصعيد، بدلاً من إعادتهم إلى سيناء وحمايتهم من التنكيل والقتل.. وعلى صخب تسريبات مزعومة لـ"استبدال الأراضي" بين مصر وإسرائيل، ومع صخب أكبر بعد الكشف عن لقاء سري جمع السيسي ونتنياهو في العقبة الأردنية.. ما يرسم صورة مفزعة في الخيال الجمعي المصري المتشكك وفاقد الثقة في شفافية الحكومة وشفافيتها.. عن سيناريو محتمل، يعيد جدل التنازل عن تيران وصنافير، مجددًا ولكن بصورة قد تكون الأسوأ، والأكثر تهديدًا لشرعية النظام ذاته، ومستقبل استمراره في السلطة. استعلاء السلطة، وتصرفاتها بمنطق الوصاية الأبوية على الناس، ونزعتها الفجّة نحو تجاهل الرأي العام، واعتقادها بأنها الجهة الوحيدة التي تملك الحقيقة حصريًا، وأن من حقها التصرف في البلاد والعباد بوصفهما "متاع" أو "سلعة" تخضع لمنطق العرض والطلب.. باتت سياسة مستقرة وتعتمد على عجرفة القوة وحدها، ما يجعلها لا تعبأ بشيء لا نصيحة ولا نقد ولا خوف مما يدخره لها رحم الغيب السياسي من مفاجآت، عجز نظام مبارك، الأقوى منها والأكثر خبرة وحرفية، من مواجهتها. هذا السلوك الوصائي، وسرية الأداء الرسمي.. يجعلنا أمام منزلق خطير، فقد يبقى النظام وقد يرحل.. وهذه ليست المشكلة، ولكن المشكلة، تبقى في الفواتير والثمن.. ومع ذلك يظل الأمل معقودًا، باحتمال تنظيم مراجعة، ينتصر فيها العقل والحرفية والحكمة على الارتجالية وعلى رهان القوة وحده.

تعليقات
اقرأ ايضا
الصحف