محمد الواحي
سوريا إذ تتحول معرضًا للسلاح
لا تحتاج روسيا إلى تسويق منتجاتها في أضخم معارض السلاح في الشرق الأوسط بـ(أبو ظبي) طيلة الأسبوع الماضي، إذ سحبت سوريا البساط من جميع المعارض الشبيهة، وقد قدمت روسيا على أراضيها أوراق اعتمادها لاعبًا أساسيًا على غرار ما كان إبان الحقبة السوفيتية التي تطلع بوتين إلى استعادة أمجادها. وفى الوقت ذاته تلعب دور (حمامة السلام) بين الأطراف المتصارعة في سوريا عقدت تحت رعايتها مباحثات (الأستانة) عاصمة كازاخستان الشهر قبل الماضي، بين الحكومة والمعارضة السوريتين. فتزامن العقوبات الغربية على روسيا عقب احتلال شبه جزيرة القرم عام 2014 مع انخفاض أسعار الوقود المصدر الرئيسي للدخل الروسي جعل صادرات السلاح منفذًا للاقتصاد الروسي ويمسى التدخل العسكري في سوريا (سبتمبر 2015) ليس فقط دعما لبشار الأسد وتحقيق مصالح استراتيجية في الشرق الأوسط، ولكن أيضا لتسويق المنتجات العسكرية ميدانيا وعلى رؤوس الأشهاد. وبالفعل نال الروس مرادهم وزادت عملياتهم في سوريا من الطلب على التقنيات الحربية الروسية، حسبما أفاد نائب رئيس مؤسسة (روس ابرون ا كسبورت). ولمعرفة مدى كفاءة الأسلحة الحديثة يتم تجريبها على البشر وكأنهم فئران تجارب وأكثر تلك الأسلحة تدميرا هي التي تجذب أنظار العملاء. ففي الوقت الذى لم تجف فيه دماء أهل حلب جراء القصف الروسي نجد روسيا تخرج لسانها للجميع وتعرض في مؤتمر أبو ظبي أسلحة الدمار المستخدمة في تلك المدينة مثل طائرات السيفوي وغيرها. ها هو ذا المجتمع العسكري الصناعي الذي حذر منه الرئيس الأمريكي السابق دوايت أيزنهاور في خطاب الوداع للأمة عام 1961. أي سلام ينشده السوريون في الجولة الرابعة من مفاوضات جينيف عندما يعجز العالم عن التصدي للغطرسة الروسية التي أتت على أخضر سوريا ويابسها وبدلاً من دفن سلاح الجريمة نجدها تتباهى به وتعرضه للبيع. تجرى مفاوضات جنيف حاليًا على قدم وساق مع قذف بشرق دمشق وتغطى الأولى على الثانية، كما تغطى المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية على التوسع الاستيطاني وتهويد القدس وتدمير الدولة الفلسطينية المنشودة.