يحارب الفقر والبطالة ويضيف 695 مليار جنيه للناتج الإجمالى المصرى
لماذا هذا الملف؟ وما هو التمكين الاقتصادى للمرأة؟ وما العائد على الاقتصاد، والدولة من التمكين الاقتصادى؟ وما علاقة المرأة بالبنوك؟ هذه الاسئلة وغيرها صاحبتنى خلال إعداد الملف، فعملى كمحرر مصرفى، جعلنى فى حالة من القلق من طرق هذا الباب، خاصة وأننى انتمى الى المجتمع الذكورى الذى يفضل رعاية المرأة لبيتها وأولادها، فهو أسمى ما يمكن أن تقدمه للمجتمع. والتمكين الاقتصادى ذكرنى بالمرأة الريفية التى تبذل جهدا خارقا فى بيتها ثم تذهب لمساعدة زوجها فى الأرض، وترعى الماشية، وحينما تفقد زوجها ترفض الزواج من أجل أولادها ليضاف إليها عمل الزوج، هذه المرأة، وغيرهن من يطرقن أبواب العمل، والمشروعات الخاصة يستحققن منا أن نسلط الضوء عليهن.
وقد أعلن الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن عام 2017 هو عام المرأة ويحتفل العالم باليوم الدولى للمرأة فى 8 مارس من كل عام، وظهر هذا اليوم لأول مرة كنتيجة لأنشطة الحركات العمالية فى مطلع القرن العشرين فى أمريكا الشمالية وجميع أنحاء أوروبا. وتحتفل العديد من البلدان فى جميع أنحاء العالم بهذا اليوم، للاعتراف بإنجازات النساء دون اعتبار للانقسامات، سواء كانت وطنية أو إثنية أو لغوية أو ثقافية أو اقتصادية أو سياسية.
والتمكين الاقتصادى للمرأة هو العملية التى تستطيع المرأة من خلالها الانتقال من موقع قوة اقتصادى أدنى فى المجتمع إلى موقع قوة اقتصادى أعلى، وذلك من خلال ازدياد سيطرتها وتحكمها بالموارد الاقتصادية والمالية الأساسية، وهى الأجور ورأس المال والملكيات العينية، وهو ما يمنحها فى الدرجة الأولى استقلالية مادية مباشرة. والتمكين الاقتصادي للمعيلات هو عملية إدماج النساء الفقيرات غير العاملات ممن فقدن عائل الاسرة فى مشروعات متوسطة أو صغيرة أو متناهية الصغر بهدف ضمان وجود دخل شهرى منتظم مع مراعاة الخلفيات الثقافية والقدرات المهنية للنساء بما يتوافق و ظروف المجتمع المحلى.
ما العائد على الدولة؟ يشير موقع تمكين الأمم المتحدة للمرأة، الى أن المرأة إذا لعبت دورا فى سوق العمل مثل الرجل فسوف تضيف 28 تريليون دولار أمريكى أو 26% للناتج المحلى الإجمالي العالمى، بتحليل 500 شركة وجد أن الشركات التى لديها تمثيل المرأة فى المناصب الادارية تحقق عائدا لحقوق المساهمين بنسبة 34% من الشركات التى لديها تمثيل أقل. وهذا يعنى أن التمكين الاقتصاد للمرأة فى مصر يمكن أن يضيف 695 مليار جنيه مصرى، للناتج المحلى الإجمالي الذى بلغ فى العام المالى السابق 2.673 تريليون جنيه مصر، هذا بخلاف تقليل العبء على موازنة الدولة فى شكل دعم ورعاية اجتماعية، ومحاربة الفقر، والبطالة، وتحويل كل القرى الى مراكز انتاجية تصدر مباشرة للخارج. وهذا يمكن أن يحدث خاصة مع توافر الارادة السياسية واطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسى بأن عام 2017 عام المرأة. والاستثمار فى التمكين الاقتصادى للمرأة يحقق المساواة بين الجنسين والقضاء على الفقر، وتحقيق النمو الاقتصادى الشامل.
ويهتم المجتمع الدولى بالمرأة وكانت الاحداث فى أواخر القرن العشرين حافلة فيما يتعلق بمواضيع التنمية البشرية والحقوق الانسانية، والتمكين الاقتصادى للمرأة ومنها المؤتمر العالمى لحقوق الانسان (فيينا 1992) والمؤتمر الدولى للسكان والتنمية (القاهرة 1994) والمؤتمر العالمى الرابع المعنى بالمرأة (بكين 1995) وإعلان قمة الألفية (2000-2015) وجاء الهدف الثالث بالحض على المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة ومنتدى الاقتصاد والمرأة العربية(الكويت 2003) والذى حث على ادماج تنمية المرأة ضمن خطط التنمية الوطنية للحكومات العربية وتعقد الدورة الواحدة والستون للجنة وضع المرأة وهى لجنة فنية تابعة للمجلس الاقتصادى والاجتماعى للأمم المتحدة فى الفترة من 13 حتى 24 مارس 2017 ، موضوعها التمكين الاقتصادى للمرأة فى عالم العمل المتغير، وهذه اللجنة انشئت بموجب قرار المجلس الاقتصادى والاجتماعى رقم 11 فى 21 يونيو 1946 بتفويض لإعداد توصيات بشأن تعزيز حقوق المرأة فى المجالات السياسية والاقتصادية والمدنية والاجتماعية والتعليمية. والمبادئ العامة للأمم المتحدة سبعة مبادئ أساسية تهدف إلى توجيه المؤسسات التجارية والمؤسسات غير التجارية إلى العمل على إرساء مبدأ المساواة فى الفرص وعدم التمييز بين الجنسين فى سوق العمل، وتعزيز دور المرأة فى المناصب القيادية بالمؤسسات، ودمج هذه الآليات فى سياسات تطوير المؤسسة.
فما علاقة البنوك بالتمكين الاقتصادى للمرأة؟ هى علاقة حيوية لأن البنوك من أفضل القطاعات المنظمة، والتى تعمل بمهنية واحترافية، إلى جانب عملية التمويل التى تعد من أهم أعمدة التمكين الاقتصادى للمرأة، كما أن البنوك قادرة على تحقيق الشمول المالى من خلال هذا التمكين، وزيادة أرباحها أيضا، كما أنها يمكن أن تساهم فى تشبيك صاحبات الأعمال لمساعدتهم على التسويق، وخلق علامة تجارية عالمية لمنتجاتهم عن طريق تأسيس أو المساعدة فى تأسيس شركات للتسويق، وخلق صورة ذهنية عن المنتجات المصرية، وهذا الدور يجب أن يصاحبه دور كبير من الحكومة، فما نجده عبارة عن جزر منعزلة، ومجهودات ولكنها غير منظمة، ولم تخرج للنور، وعبارة عن أرقام تكتب للوزير، من أجل الاشادة، والانجاز، ولكن نفتقد للعمل المنهجى الذى يخلق من القرى المصرية منتجا عالميا وصاحب علامة، وهناك اقتراحات كثيرة خرجنا بها من هذا الملف منها تخصيص البنك المركزى المصرى قروضا للسيدات فى الريف المصرى، بفائدة متناقصة أقل من 5% مع إعفاء البنوك من نسبة الاحتياطى، خاصة أن البنك المركزى طرح مبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، كما يمكن أن يدفع نحو تأسيس شركة بالتعاون بين صندوق تحيا مصر، والجمعيات الخيرية، والبنوك، هدفها تنمية القرية المصرية، وخلق علامة تجارية للمنتج الذى تتمتع به كل قرية، وإلى جانب توفير المادة الخام، والتدريب، والتسويق لهذا المنتجات. كما يمكن أن تخصص البنوك 1% من أرباحها، وتوجه للمرأة المعيلة كقرض حسن، والأهم هو ثورة لتغيير نظرة المجتمع للمرأة، وعلاج المشاكل البيروقراطية «العفنة» التى تعيق تأسيس المشروعات للرجل والمرأة.
المرأة قادرة على تغيير وجه الاقتصاد، والقرى المصرية، ويبقى من الحكومة، والبنوك، ومؤسسات المجتمع المدنى، أن تمكنها من ذلك، وتساعدها بالتوعية والتدريب والمتابعة والتسويق.