أشرف العشرى
هذه هى مصر.. وهؤلاء نمور من ورق
يبدو أن هناك بعض نفر من السياسيين فى مصر والعالم العربى مازال يحكم عقليتهم وإطارهم الحاكم فى التفكير والمتابعة والتقدير عقلية الستينيات التى مازالوا يريدون انسحابها على نمط صناعة القرار السياسى والعسكرى فى مصر حاليا فنجد بعضهم وهم من أصحاب الحناجر الرنانة وتجار المواجع حيث استمعت إلى بعضهم وقرأت للبعض الآخر فى الأيام الماضية فى صحف عربية ينالون من الدور المصرى ويتحدثون عن غياب وحراك مصرى فى الملفات والأزمات الشائكة فى الاقليم ونيران الفوضى الجوالة التى تضرب أكثر من عاصمة عربية.
حتى أن بعضهم تجرأ وطالب بدور وحضور عسكرى مصرى فى سوريا وليبيا واليمن على غرار الأدوار التركية والايرانية هنا وهناك كما كنا نفعل فى الستينيات ولذا وجدت نفسى عندما استمعت وقرأت لأصحاب هذه المطالب وأنصار مروجى تلك الأوهام أشفق عليهم جميعا لأنهم برغم خبرتهم السياسية لم يتابعوا ويقرأوا جيداً تفاصيل ومضمون وجوهر السياسة الخارجية المصرية وأقوال وخطابات الرئيس عبد الفتاح السيسى على الأقل بعد ثورة 30 يونيو حيث صلابة وجوهر الموقف المصرى لا تدخل فى الشأن الداخلى للدول ولا انصاف لهذا الفريق على ذاك ورفض أسلوب المناورة والخداع أو البحث عن ميليشيات هنا أو هناك بل القاهرة تقف على مسافة واحدة من جميع الفرقاء فى هذا البلد أو ذاك وكل مايهمنا هو وحدة واستقرار وسلامة أراضى هذا الاقليم العربى هنا أو هناك مع التمسك بوحدة وأدوار الجيوش الوطنية العربية فى الحفاظ على وحدة وسيادة هذه الدول.
وفى المقابل هناك حراك ووجود ودخول للدبلوماسية المصرية على خط الأزمات العربية والمشاركة بإيجابية فى إطفاء عديد النيران المشتعلة فى معظم الدهليز العربى وليعطنى الاشاوس من نفر هؤلاء السياسيين والكتاب العرب أى أزمة أو قضية عربية لا تشارك فيها مصر أو تلعب فيها دورا أو أدوار سياسية ودبلوماسية بعيداً عن لغة السلاح أو التهديد والوعيد على نمط ملالى وجنرالات الحرس الثورى الايرانى الذين أصابهم مس من الغرور والجنون بالتهديد بين الحين والآخر بنسف دول واحتلال دول عربية أو إشعال حرائق متنقلة فى الشرق الأوسط إذا لم تعترف لها دول العالم ودول الاقليم بالسيادة وتصنيفها القوى الأكبر فى الاقليم. أو غرور وجنون ديكتاتور تركيا الغارق فى زمن الوهم والخيبات بإعادة حلمه الزائف الواهم الخلافة والامبراطورية العثمانية ليحكم الشرق الأوسط ودوله وبعض من الدول الاوروبية والكومنولث الروسى من جديد على غرار إصراره المتعطش للدماء والسفك والغزوات الفاشلة.
وبالتالى إلى كل هؤلاء وهؤلاء أقول إن مصر لن تكون جزءا من هذا الجنون الايرانى أو الوهم والديكتاتورية التركية إذا كان يروق لكما هذان النموذجان الآن فى الاقليم فهؤلاء أصحاب تلك المقارنات يحملون نفسا تشاؤميا تجاه مصر ويضربهم اليأس من جراء ماتعانيه بعض دولهم أو يسكن الشتات أو المنافى نتيجة ماحدث لبلده أو دولة جوار لوطنه وبعضهم الآخر يطلق مثل هذه الرسائل السلبية عن غياب الدور المصرى فى الاقليم حسداً وحسرة بدواخلهم على القدرة على الانجاز والانقاذ الذى فعلته مصر وقيادتها وجيشها لمنعها من الانزلاق إلى تلك النهايات التعيسة وحروب فرق الارهاب الجوالة التى أشعلت الحرائق والتخريب فى بلدانهم أو هذا البلد أو ذاك كما نرى على امتداد الرؤية والنظر فى العالم العربى حيث يصرخون بينهم وبين أنفسهم عندما يجلسون إلى أنفسهم أو رفاقهم على درب الأوهام ونضالات الخيبة والفشل كيف لهذا البلد وهو مصر الذى ضربه ما يسمى الربيع العربى فى التوقيت نفسه وهو بهذا العدد السكانى وتلك المساحة كيف ينجو من تلك المآسى التى ضربت دولنا؟ وكيف لهم الآن أن يحاربوا على جبهتين فى وقت واحد مكافحة الارهاب وضرب معاقله بتلك القوة والديناميكية اليومية حتى سيناء وبعض المدن القليلة؟ وفى الوقت نفسه إعادة البناء والتعمير لوطنهم مصر وإقامة مشروعات كبرى عملاقة أصبحت تسد عين شمس أغسطس الحارقة حاليا لاشك ودون مواربة لابد أن يشعر كل مصرى وهو يشاهد تحركات رئيسه السيسى أو يستمع إليه فى كل إطلالة مصرية أو دولية أو إقليمية بالفخر والامتنان على أن قيادة وحكومة بلده تمتلك العقل والحكمة والحنكة السياسية والاستراتيجية وهى تتعامل وتوجد مع أزمات وملفات المنطقة حاليا وأننا لن ولم نصل قط إلى مثل هذا التصنيفات مع دول كبرى مثلنا فى الاقليم.
ويكفى أن أذكر أصحاب تلك التصنيفات أو المطالبين بدور مصرى مشبوه باهت وخطاب مموج مثل تركيا وإيران ان أذكرهم بما حدث بينهم الاسبوع الماضى حيث فجأة اندلعت حرب الشتائم والتلاسن من العيار الثقيل حيث سعى أردوغان وفريق حكومته فى تصريحات علنية مسموعة ومقروءة إلى فضح الايرانيين فجأة ودون سابق انذار وكان عائداً لتوه من رحلة خليجية بأنهم يسعون لتشييع دول المنطقة وأصحاب السياسات الطائفية والتخريب وأهل الفتن والقتل والشر فى المنطقة وان كل مشكلات وحروب وفتن وخراب الاقليم هو من صنع ملالى وجنرلات القتل فى إيران على حد وصف أردوغان وعلى يلدريم رئيس وزرائه وكذلك ثأرية أكثر بشاعة من هذا النوع لشاويش أوجلو وزير خارجيته ضد طهران.
وفى المقابل لم تصمت إيران حيث تالت الشتائم والبذاءات وهى أهل لها دوما ونالت من أردوغان وحكومته ودولته وفضحته وهزأت وسخرت من أوهامه المريضة بعودة امبراطوريته الوهمية وزعامته الزائفة وأعتبرته مريضا يحتاج إلى العلاج فى المصحات النفسية التركية بل تمادت طهران ووزير خارجيتها جواد ظريف ونالت أكثر من ديكتاتور تركيا أردوغان وأتهمته بناكر الجميل وصاحب الذاكرة الضعيفة وان بلاده هى من أنقذت أنقرة من السقوط خلال موجة الانقلاب الأخير فى تركيا وأنهم لا يستحقون إلا الضرب على رءوسهم بالأحذية القديمة.. انتهى.
فهل يريد البعض فى مصر أن نتبنى السياسات نفسها وأن تنتهج النهج نفسه فى الانحدار والاسفاف والتخريب فى المنطقة فهؤلاء نمور من ورق ومصر دولة مؤسسات وقيم وأخلاقيات سياسية تحكمها ولن ترضى بغير اللاعب الأول فى الشرق الأوسط بأدواتها وأدوارها وعدتها وعتادها.. ومن يعش يرى.