كل الدول التى سبقتنا على طريق النهضة انطلقت من فهم صحيح بأن أحد أهم مقومات الإدارة الحديثة مرتبط بمدى قدرة الدولة على وضع الرجل المناسب فى المكان المناسب استنادا إلى مقاييس ومعايير واضحة وشفافة تضمن النجاح وبلوغ الأهداف والمقاصد المنشودة من خلال إدارة حازمة ومنضبطة تتوافر لها كامل الصلاحيات.
وعلى سبيل المثال فإن العامل الحاسم فى نجاح أى مرفق يخدم مصالح الجماهير يحتاج إلى نوعية متميزة من القادة الذين لديهم قدرة الانتقال من الإدارة كمفهوم شامل يتحمل مسئولية التنظيم والتحكيم من وراء المكاتب إلى القيادة الميدانية التى تملك قدرة استنهاض الهمم واستخراج أفضل ما لدى العاملين لخدمة الناس وتلبية مطالبهم.
أريد أن أقول: إن الإدارة الحديثة لم تعد مجرد علوم نظرية أو وسائل تطبيقية وإنما هى كوادر قيادية تملك الأفق الواسع والقدرة على اتخاذ القرار الصحيح فى التوقيت الصحيح... وأظن أننا لو ألقينا نظرة فاحصة ومدققة لتجارب غيرنا لأدركنا دون عناء أن الفارق بين الدول المتقدمة التى تعوض نقص الإمكانات والموارد وبين الدول المتخلفة التى تهدر ثرواتها وكنوزها المدفونة يتمثل فى حسن الإدارة هناك وسوء الإدارة هنا!
وما أكثر الحكايات والروايات التى سمعناها فى الأيام الأخيرة عمن كانوا قاب قوسين أو أدنى من المقاعد الوزارية فى التعديل الأخير ثم جرى تفضيل غيرهم... وكلها حكايات وروايات تتكرر منذ سنوات وتعكس استمرار وقوعنا أسرى لمأزق عدم تفعيل نظرية «الرجل المناسب فى المكان المناسب».. وظنى أن هذا اللغط مرشح للاستمرار ما لم تنجز الدولة استراتيجية واضحة المعالم ترتكز إلى توصيف صحيح لمعايير الرجل المطلوب والعمل المطلوب فى كل موقع على حدة وفى إطار الأهداف المحددة لمنهج التغيير أو التعديل المنشود لكى نتفادى مستقبلا ضرورة اللجوء لإدراج منصب الوزير فى إعلانات الوظائف الخالية بالصحف!
خير الكلام:
>> أكبر خطأ أن تتعامى عن رؤية أخطائك!